و أمّا على الثاني فلأنّ صفاته عين ذاته
و ليس له صفة عارضة فلا يتّصف بالاضافة العرضية، و هذا كلّه بعد الغضّ عما برهن
عليه من أنّ الواجب سبحانه لا مهية له فافهم جيدا.
و به يظهر
الجواب عما ربما يعترض في المقام بأنّه تعالى بذاته مبدء الأشياء و خالقها و
موجدها، و كلّ هذه الامور إضافات فيكون مضافا حقيقيا.
وجه ظهور
الجواب أنّ المضاف من أقسام المهية التي لها أجناس عالية، و الوجود ليس بمهية كلية
و لا جنس له و لا فصل سيّما وجود الواجب الذى لا يشوبه عموم و لا مهيّة، ألا ترى
أنّ كونه موجودا لا في موضوع لا يوجب كونه جوهرا إذ الجواهر مهيّة حقّها في الوجود
الخارجى أن لا يكون في موضوع، و الأوّل تعالى لا مهيّة له فلا يكون جوهرا و كذا لا
يكون مضافا.
(و) السابع عشر
أنّه (بمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له) و الكلام فيه كما
مرّ في سابقه حرفا بحرف.
بأن يقال:
انه تعالى خلق المقترنات و مبدء المقارنة بها فلو كان مقارنا لغيره لكان خالقا
لنفسه و لقرينه و هو محال، و أيضا المقارنة من باب المضاف و يمتنع أن يلحق الواجب
لما تقدّم.
و قال صدر
المتألهين في شرح الكافي: برهانه أنه خالق المقترنات و نحو وجودها الذى بحسبه يكون
مقترنا بالذات، أو يصحّ عليه المقارنة.
فالأوّل ككون
الشيء عارضا لشيء أو معروضا ملزوما له أو صورة شيء أو مادّة شيء أو جزء شيء و
الثاني ككون الشيء معروضا بشيء بعد ما لم يكن، أو مادّة ككون جسم ملاقيا لجسم
آخر و هذه كلّها ممّا لا يجوز لحوقه لكلّ موجود اتفق، بل من الموجود ما يستحيل
عليه لذاته الاقتران بشيء كالمفارقات مثلا و كالاضداد بعضها لبعض.
و الغرض أنّ
كون الشيء بحيث يجوز عليه المقارنة شيء آخر أمر يرجع إلى خصوصيّة ذاته و نحو
وجوده، و قد علمت أنّ خالق كلّ موجود ليس من نوع ذلك