قبل ابتدائها كذلك يكون بعد فنائها،
بلا وقت و لا مكان، و لا حين و لا زمان، عدمت عند ذلك الاجال و الأوقات، و زالت
السّنون و السّاعات، فلا شيء إلّا اللّه الواحد القهّار الّذي إليه مصير جميع
الامور بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها، و بغير امتناع منها كان فناءها، و لو قدرت
على الامتناع لدام بقاءها. لم يتكاّده (يتكاءده خ ل) صنع شيء منها إذ صنعه، و لم
يؤده منها خلق ما برئه و خلقه، و لم يكوّنها لتشديد سلطان، و لا لخوف من زوال و
نقصان، و لا للاستعانة بها على ندّ مكاثر، و لا للاحتراز بها من ضدّ مثاور، و لا
للازدياد بها في ملكه، و لا لمكاثرة شريك في شركه، و لا لوحشة كانت منه فأراد أن
يستأنس إليها. ثمّ هو يفنيها بعد تكوينها، لا لسأم دخل عليه في تصريفها و تدبيرها،
و لا لراحة واصلة إليه، و لا لثقل شيء منها عليه، لا يملّه (لم يملّه خ) طول
بقائها، فيدعوه إلى سرعة إفنائها، لكنّه سبحانه دبّرها بلطفه، و امسكها بأمره، و
أتقنها بقدرته. ثمّ يعيدها بعد الفناء من غير حاجة منه إليها، و لا استعانة بشيء
منها عليها، و لا لانصراف من حال وحشة إلى حال استيناس، و لا