القدمة، و حمتها قد الأزليّة، و
جنّبتها لو لا التّكملة، بها تجلّى صانعها للعقول، و بها امتنع عن نظر العيون، لا
يجري عليه السّكون و الحركة، و كيف يجري عليه ما هو أجراه، و يعود فيه ما هو أبداه
و يحدث فيه ما هو أحدثه، إذا لتفاوتت ذاته، و لتجزّء كنهه، و لا امتنع من الأزل
معناه، و لكان له وراء إذ وجد له أمام، و لالتمس التّمام إذ لزمه النّقصان، و إذا
لقامت آية المصنوع فيه، و لتحوّل دليلا بعد أن كان مدلولا عليه، و خرج بسلطان
الامتناع من أن يؤثّر فيه ما يؤثّر في غيره. الّذي لا يحول و لا يزول، و لا يجوز
عليه الأفول، لم يلد فيكون مولودا، و لم يولد فيصير محدودا، جلّ عن اتّخاذ
الأبناء، و طهر عن ملامسة النّساء، لا تناله الأوهام فتقدّره، و لا تتوهّمه الفطن
فتصوّره، و لا تدركه الحواسّ فتحسّه، و لا تلمسه الأيدي فتمسّه، لا يتغيّر بحال، و
لا يتبدّل بالأحوال، و لا تبليه اللّيالي و الأيّام، و لا تغيّره الضّياء و
الظّلام، و لا يوصف بشيء من الأجزاء، و لا بالجوارح و الأعضاء، و لا بعرض من
الأعراض، و لا بالغيريّة و الأبعاض، و لا يقال له حدّ و لا نهاية، و لا انقطاع و
لا غاية،