في أمرهم و تشتتهم و تفرّقهم راجع إليهم،
و المراد من الأرباب بنو إسحاق و بنو إسرائيل لأنّ
الأكاسرة من بني اسحاق، ذكره كثير من أهل العلم، و
القياصرة من ولد اسحاق أيضا، لأنّ الرّوم بنو العيص بن اسحاق ثمّ قال الشارح:
فان قلت:
فبنو اسرائيل أىّ مدخل لهم ههنا.
قلت: لأنّ
بني اسرائيل كانوا ملوكا بالشام حاربوا العرب من بني اسماعيل غير مرّة و طردوهم عن
الشام و ألجئوهم إلى المقام ببادية الحجاز، و يصير تقدير الكلام فاعتبروا
بحال ولد اسماعيل مع بني اسحاق و بني اسرائيل، و تخصيص ملوك بني اسحاق أى الأكاسرة
و القياصرة بالذكر دون ملوك بني اسرائيل لأنّ العرب لم تكن تعرف ملوك ولد يعقوب
حتّى يذكر أسمائهم في الخطبة، بخلاف ولد اسحاق فانهم كانوا يعرفون ملوكهم من بنى
ساسان و بني الأصفر، هذا ملخّص ما قاله الشّارح هنا.
أقول: و هو
مع أنّه غير خال عن التكلّف مخالف لظاهر كلامه 7 فانه كما ترى ظاهر فى
كون الضمائر في أمرهم و تشتّتهم و تفرّقهم و لهم جميعا راجعة
إلى بني اسماعيل و بني إسحاق و بني إسرائيل جميعهم، و نصّ فى
كون الأكاسرة و القياصرة أربابا لهم مسلّطين عليهم، و لا
حاجة إلى تجشّم الاستدلال فى انتهاء نسبهم إلى ولد إسحاق، فانّ تسلّطهم على العرب
و اليهود و غيرهم و بعبارة اخرى على بنى إسماعيل و بني إسحاق و بني إسرائيل ملاء منه
كتب التواريخ و السير، فلا وجه لتخصيص المقهورين بالعرب و القاهرين من الأكاسرة
و القياصرة ببني إسحاق و بنى إسرائيل من ملوك الشام كما زعمه الشّارح.
فان قلت:
الوجه في مصير الشّارح إلى هذه التكلّفات كلّها ما ذكره فى كلامه قبل ما حكينا عنه
ملخّصا، من أنّه لا نعرف أحدا من بنى اسرائيل احتازتهم الأكاسرة و
القياصرة عن ريف الافاق إلى البادية إلّا أن يقال يهود خيبر و النضير و بنى
قريظة و بنى قيقاع، و هؤلاء نفر قليل لا يعتدّ بهم، مع أنّ فحوى الخطبة مانع من
إرادتهم أيضا، لأنّهم لم يكونوا أهل دبر و وبر، و إنّما كانوا ذوى حصون و قلاع