و اذكروا إذ نجّيناكم اى خلصناكم، من قوم
فرعون و أهل دينه، يسومونكم يلزمونكم سوء العذاب، و قيل: يذيقونكم و يكلّفونكم و
يعذّبونكم، و الكلّ متقارب و اختلفوا في العذاب الذى نجّاهم اللّه منه فقال بعضهم:
ما ذكر في الاية من قوله يُذَبِّحُونَ
أَبْناءَكُمْ وَ يَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ و هذا تفسيره.[1]
و قيل: أراد به ما كانوا يكلّفونهم من الأعمال الشاقّة، فمنها أنّهم جعلوهم أصنافا
فصنف يخدموهم، و صنف يحرثون لهم، و من لا يصلح منهم للعمل ضربوا عليهم الجزية و
كانوا يذبّحون أبناءهم و يستحيون نساءهم مع ذلك، و يدلّ عليه قوله تعالى في سورة
إبراهيم يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَ
يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ فعطفه على ذلك يدلّ على أنه
غيره، و معناه يقتلون أبناءكم و يستحيون نساءكم يستبقونهنّ و يدعونهنّ احياء
ليستعبدن و ينكحن علي وجه الاسترقاق، و هذا أشدّ من الذّبح، و في ذلكم أى في سومكم
العذاب و ذبح الأبناء ابتلاء عظيم من ربّكم، لما خلى بينكم و بينه حتى فعل بكم هذه
الأفاعيل.
و السبّب في
قتل الأبناء أنّ فرعون رأى في منامه كان نارا أقبلت من بيت المقدّس حتى اشتملت على
بيوت مصر فاحترقتها و احترقت القبط و تركت بنى إسرائيل، فهاله ذلك و دعا السّحرة و
الكهنة، و القافة فسألهم عن رؤياه، فقالوا إنه يولد في بني إسرائيل غلام يكون على
يده هلاكك و زوال ملكك و تبديل دينك، فأمر فرعون بقتل كلّ غلام يولد في بني
إسرائيل و جمع القوابل فقال لهنّ لا يسقط في أيديكنّ غلام من بني إسرائيل إلّا قتل
و لا جارية إلّا تركت و وكّل بهنّ، فكنّ يفعلن ذلك و أسرع الموت في مشيخة بني
إسرائيل، فدخل رءوس القبط على فرعون فقالوا له: إنّ الموت قد وقع في بني إسرائيل فيذبح
صغارهم و يموت كبارهم و يوشك أن يقع العمل علينا، فأمر فرعون أن يذبحوا سنة و
يتركوا سنة فولد
[1]- و فى تفسير الامام 7 و كان من عذابهم الشديد انه
كان فرعون يكلفهم عمل البناء و الطين و يخاف ان يهربوا من العمل فامرهم بتقييدهم و
كانوا ينقلون ذلك على السلاليم الى السطوح فربما سقط الواحد منهم فمات او زمن فلا
يحقلون بهم، الحديث.