ثمّ أشار إلى حميّة الكبر مطلقا و انه لا
رخصة فيه لأحد من آحاد المكلّفين فقال:
(فلو رخّص
اللّه) عزّ و جلّ (في الكبر) و أحلّه (لأحد من
عباده لرخّص فيه لخاصّة أنبيائه و أوليائه) وجه الملازمة أنّ الترخيص فيه إنما
يكون مع اشتماله على المصلحة و خلوّه عن المفسدة و لو كان كذلك لرخّص فيه الأنبياء
و الأولياء و من يخطرهم من فوائده و منافعه لمكانتهم لديه و قربهم إليه و إلّا لزم
تفويت ما تضمّنه من المصلحة في حقّهم و هو غير معقول بما لهم من الزلفي و القرب.
(و لكن) التالى أعنى
الترخيص فيه للأنبياء و الأولياء باطل فالمقدّم مثله، و أشار إلى بطلان التالي
بأنّ (اللّه كرّه إليهم التكابر و رضى لهم التواضع) كما يدلّ
عليه العمومات و الاطلاقات الناهية عن التكبّر من دون استثناء لأحد، و الامرة بالتواضع كذلك مضافة
إلى الخطابات الخاصّة بهم في الصّحف السّماوية و الأحاديث القدسيّة.
(فألصقوا
بالأرض خدودهم و عفّروا في التراب وجوههم) امتثالا لما امروا به من التواضع و
التذلل للخالق.
كنايه-
استعاره بالكنايه (و خفضوا أجنحتهم و كانوا قوما مستضعفين) امتثالا لما امرو به
من التواضع للخلايق قال العلّامة المجلسيّ ;: خفض
الجناح كناية عن لين الجانب و حسن الخلق و الشفقة، و مثله الشارح البحراني قال:
لفظ الأجنحة مستعار من الطائر ليد الانسان و جانبه باعتبار ما هو محلّ البطش و
النفرة، و خفض الجناح كناية عن لين الجانب.
و الأحسن ما
في الكشاف قال في تفسير قوله تعالى وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الطائر إذا أراد أن ينحطّ للوقوع كسر جناحه و خفضه، و إذا
أراد أن ينهض للطيران رفع جناحه فجعل خفض جناحه عند الانحطاط مثلا في التواضع و
لين الجانب، و منه قول بعضهم:
و أنت الشهير بخفض الجناح
فلاتك في رفعه أجدلا
ينهاه عن
التكبّر بعد التواضع و أراد بقوله و كانوا قوما مستضعفين كونهم
متّصفين بالضعف و المسكنة في نظر الناس و ضيق العيش في الدّنيا كما أوضحه بقوله: