(و أجلب بخيله عليكم و قصد برجله
سبيلكم) أى صاح بفرسانه فاحشرهم عليكم بالاغواء و قصد
مع راجليه سبيلكم ليزيغوكم عن الجادّة الوسطى.
(يقتنصونكم
بكلّ مكان) أى يتصيّدونكم و يجعلون ربق الذّلّ في أعناقكم (و يضربون
منكم كلّ بنان) أى يضربون أطراف أصابعكم و يستقصون فى أذاكم و استيصالكم (لا
تمتنعون) من ضربهم (بحيلة و لا تدفعون) ضرّهم (بعزيمة) و الحال
انكم (فى حومة ذلّ و حلقة ضيق و عرصة موت و جولة بلاء) شرح لحالهم
فى الدّنيا، أى أنتم فى معظم ذلّ و دائرة ضيق، لأنّ دار
الدّنيا لا اتّساع فيها و معرض موت و مجال بلاء لا منجى منه.
فاذا كان شأن
أبليس في عداوتكم هذا الشأن من الفخر على الأصل و الوقع فى الحسب و الدفع في النسب
و الاجلاب بالخيل و القصد بالرجل و غير ذلك من الامور المتقدّمة الدالة على كونه
مجدّا في العداوة.
(ف) خدوا منه
حذركم و تحرّزوا من مصائده و (اطفئوا ما كمن) و استتر (في
قلوبكم من نيران العصبية) و الحميّة (و أحقاد
الجاهليّة فانما تلك الحميّة) و النخوة (تكون في المسلم
من خطرات الشيطان و نخواته و نزغاته و نفثاته) أى وساوسه المحرّكة
للفساد يعني ما استتر في قلوبكم من التعصّب و التكبّر و الحقد و الحسد نار
محرقة لكم في الدّنيا و الاخرة فاطفئوها و اجتهدوا في إطفائها بماء التذلّل و
التواضع و الاصلاح، لأنّ منشأها جميعا هو الشيطان اللعين الّذي هو عدوّكم المبين،
فانّه يوسوس في صدوركم و يوقع في اخاطركم النّخوة و الحميّة و العصبيّة و ينزغ أى
يفسد بينكم و بين اخوتكم المؤمنين و ينفث أى ينفخ في قلوبكم و في دماغكم ريح
النخوة و الغرور و الاستكبار.
فان قلت: لم
قال تلك الحميّة تكون في المسلم من خطرات الشيطان مع أنّ الحميّة في الكافر أيضا
من خطراته فأىّ نكتة في الاتيان بهذا القيد؟
قلت: لما أمر
المخاطبين باطفاء نيران العصبيّة و الاستكبار معلّلا بأنها من وساوس ابليس و
خطراته أتى بهذا القيد من باب الالهاب لأنّ المسلم بما له من داعية