و روى في
الصّافي من الكافي عن الصّادق 7 في حديث وجوه الكفر قال 7:
فأمّا كفر الجحود فهو الجحود بالرّبوبيّة و هو قول من يقول: لا ربّ و لا جنّة و لا
نار، و هو قول صنفين من الزنادقة يقال لهم الدّهرية و هم الّذين يقولون و ما
يهلكنا إلّا الدّهر و هو دين وضعوه لأنفسهم بالاستحسان عنهم على غير تثبّت منهم و
لا تحقيق لشيء مما يقولون قال اللّه عزّ و جلّ إِنْ هُمْ إِلَّا
يَظُنُّونَ^ إنّ ذلك كما يقولون.
قال الفخر
الرازي: و أما شبهتهم في انكار الإله الفاعل المختار فهو قولهم وَ ما
يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ يعني تولد الأشخاص إنما كان بسبب حركات
الأفلاك الموجبة لامتزاج الطبايع و إذا وقعت تلك الامتزاجات على وجه خاصّ حصلت
الحياة، و اذا وقعت على وجه آخر حصل الموت، فالموجب للحياة و الموت تأثيرات
الطبايع و حركات الأفلاك، و لا حاجة في هذا الباب إلى إثبات الفاعل المختار، فهذه
الطائفة جمعوا بين إنكار الإله و بين إنكار البعث و القيامة ثمّ قال تعالى وَ ما
لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ.
و المعنى أنّ
قبل النظر و معرفة الدليل الاحتمالات بأسرها قائمة، فالذي قالوه يحتمل و ضدّه أيضا
يحتمل، و ذلك هو أن يكون القول بالبعث و القيامة حقا و القول بوجود الإله الحكيم
حقّا فانّهم لم يذكروا شبهة ضعيفة و لا قويّة في أنّ هذا الاحتمال الثاني باطل، و
لكنه خطر ببالهم هذا الاحتمال الأوّل فجزموا به و أصرّوا عليه من غير حجّة و لا
بيّنة، فثبت أنّهم ليس لهم علم و لا جزم و لا يقين في صحّة القول الّذي اختاروه
بسبب الظنّ و الحسبان و ميل القلب إليه من غير موجب و حجّة و دليل، هذا استفهام
انكارى و لما دعا 7 على الجاحدين بالويل و الثبور زيف قولهم بعدم
استناده إلى حجّة و بيّنة و لو كانت ضعيفة هيّنة، عاد إلى تقريعهم و توبيخهم
باقامة البرهان المحكم و الدلالة الواضحة على بطلان قولهم و فساد به منهم فقال على
سبيل الاستفهام بقصد الإنكار و الإبطال: