يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ
سَيِّئاتِهِ وَ يُعْظِمْ لَهُ أَجْراً (و داووا بها الأسقام) أى أسقام الذّنوب و أمراض القلوب
(و بادروا بها الحمام) أى الموت.
(و اعتبروا
بمن أضاعها و لا يعتبرن بكم من أطاعها) أمرهم بالاعتبار بالامم الماضية قبلهم
ممّن أضاع التقوى و اتّبع الهوى فأخذه اللّه نكال الاخرة و الاولى إنّ في ذلك
لعبرة لمن يخشى قال تعالى وَ أَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ
بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا
لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ و نهيهم عن كونهم عبرة للمطيعين و هو في
الحقيقة نهي عن دخولهم في زمرة المضيّعين، أى ادخلوا في حزب المطيعين لتعتبروا
بغيركم و لا تدخلوا في حزب المضيّعين حتّى يعتبر بكم غيركم.
(ألا و
صونوها و تصوّنوا بها) أى صونوها حق الصّيانة و
احفظوها من شوب العجب و الرياء و السمعة و تحفظوا أنفسكم بها لأنها الحرز و
الجنّة.
ثمّ أمر
بالزّهد في الدّنيا و الوله إلى الاخرة لاستلزامهما للتقوى و هو قوله:
(و كونوا
عن الدّنيا نزاها) متباعدين (و إلى الاخرة ولّاها) أى و الهين مشتاقين،
فانّ الوله إلى الاخرة يوجب تحصيل ما يوصل إليها و هو التباعد عن الدّنيا و
الملازمة للتقوى (و لا تضعوا من رفعته التقوى) و هو نهي عن إهانة المتقين
لكونه خلاف التقوى (و لا ترفعوا من رفعته الدّنيا) و هو نهي عن تعظيم
الأغنياء الذين ارتفاع شأنهم عند الناس و وجاهتهم من جهة ثروتهم، فانّ تعظيمهم من
هذه الجهة مناف للتقوى.
استعاره
بالكنايه (و لا تشيموا بارقها) أى لا تنظروا إلى سحابها صاحب البرق انتظارا
للمطر قال الشارح البحراني: استعار لفظ البارق لما يلوح للناس في
الدّنيا من مطامعها و مطالبها، و وصف الشيم لتوقع تلك المطالب و انتظارها و التطلع
إليها على سبيل الكناية عن كونها كالسحابة الّتي يلوح بارقها فيتوقّع
منها المطر.
استعاره (و لا
تسمعوا ناطقها و لا تجيبوا ناعقها) و هو نهي عن مخالطة أهل الدّنيا و معاشرتهم
أى لا تسمعوا إلى مادحها و من يزيّنها و يصفها بلسانه و
بيانه و لا تصدّقوا قوله، و لا تجيبوا صائحها أى لا
تتّبعوا و لا توافقوا المنادى إليها لأنّ سماع الناطق و إجابة