بمن تكرّر منه الشكر و قيل: الشكور المتوفر على أداء الشكر بقلبه و لسانه و
جوارحه أكثر أوقاته و قيل: الشكور من يرى عجزه عن الشكر و قال ابن عباس أراد به
المؤمن الموحّد و في هذا دلالة على أنّ المؤمن الشاكر يقلّ في كلّ عصر و زمان.
أقول: و
يحتمل أن يراد بالشكور كثير الطاعة للّه و يشهد به ما رواه في الكافي عن الباقر
7 قال: كان رسول اللّه 6 عند عايشة ليلتها
فقالت يا رسول اللّه لم تتعب نفسك قد غفر لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخّر، فقال: يا
عايشة أما أكون عبدا شكورا.
و لما ذكر
ثمرات التقوى و نبّه على الاحتياج إليها غدا أمر المخاطبين بالمواظبة عليها فقال:
(فاهطعوا
باسماعكم إليها) أى أسرعوا بأسماعكم إلى سماع وصفها و نعتها لتعرفوها حقّ
المعرفة و تعملوا على بصيرة (و أكظوا بجدّكم عليها) أى اجهدوا و
داوموا بالجدّ و المبالغة (و اعتاضوها من كلّ سلف خلفا) أى اجعلوها
عوضا من جميع ما سلف بكم و خذوها خلفا منه لأنّه
خير خلف محصّل للسعادة الأبديّة و العناية السرمدية (و من كلّ مخالف
موافقا) الظاهر أنّ المراد بالمخالف و الموافق المخالف لطريق الحقّ
و
الموافق له، فيكون المعني اجعلوا التقوى حال كونها موافقا لطريق الحقّ عوضا
و بدلا من كلّ ما يخالف طريقه و (ايقظوا بها نومكم و اقطعوا بها يومكم) الظاهر أنّه
أراد بهما قيام اللّيل و صيام النهار و اللذين هما من مراسم التقوى، و يحتمل أن
يكون المراد بالأوّل الأمر بالانتباه بها من نوم الغفلة، و بالثاني الأمر بختم
النهار بالعبادة.
(و أشعروا
بها قلوبكم) قال الشارح المعتزلي يجوز أن يريد اجعلوها شعارا لقلوبكم، و هو ما
دون الدثار و ألصق بالجسد منه، و يجوز أن يريد اجعلوها علامة يعرف بها القلب التقي
من القلب المذنب كالشعار في الحرب يعرف به قوم من قوم، و يجوز أن يريد الاشعار
بمعني الاعلام من أشعرت زيدا بكذا أى عرفته اياه أى اجعلوها عالمة بجلالة موقعها و
شرف محلها.
(و ارحضوا
بها ذنوبكم) أى اغسلوها بها لأنّها كفّارة لها كما قال تعالى وَ مَنْ