و علل اخرى بقوله استعاره (و معقلا منيعا ذروته) أى ملجئا مانعا
أعلاه لمن التجأ إليه من نيل المكروه.
و الظاهر أنه
استعار لفظ المعقل لمقام القرب من الحقّ فكما أنّ المعقل يمنع الملتجيء إليه من
اصابة السّوء فكذلك التقرّب إلى اللّه سبحانه يمنع المتقرّب من نيل المكاره و
المساوى، فيكون محصّل المعنى أنّ من اعتصم بالتقوى فقد التجأ إلى معقل منيع و حصن
حصين و ذلك الحصن هو رضوان اللّه سبحانه و الزلفى لديه.
و قد شبّه
7 نفس التقوى بالحصن و الحرز في بعض كلماته و هو قوله في المختار المأة
و الأربعة و الخمسين: اعلموا عباد اللّه أنّ التقوى دار حصن عزيز و الفجور
دار حصن ذليل لا يمنع أهله و لا يحرز من لجأ إليه.
و لما أمر
بالاعتصام بالتقوى عقّبه و أكّده بالأمر بالمسارعة إلى الموت فقال (و بادروا
الموت و غمراته) أى شدائده و سكراته، و معنى المبادرة إليه المسارعة إليه بالخيرات و
الصّالحات قال سبحانه فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ^ وَ سارِعُوا إِلى
مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أى سارعوا إلى أسباب المغفرة و موجباتها و هي
الأعمال الصّالحة لتكون زادا للموت و لما بعده من الشدائد و الأهوال.
ففى الحقيقة
أمره 7 بمبادرة الموت إلزام بالسّرعة إلى تهيئة الأسباب و المقدّمات
النافعة عند قدومه، و إلّا فلموت كلّ أحد أجل معيّن لا يتقدّم عليه و لا يتأخّر، و
هو كذلك فلا يتصوّر فيه المسارعة و البدار قال سبحانه فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ
لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ^.
و يوضح ما
قلناه قوله 7 (و امهدوا له قبل حلوله) فانّه توضيح
و تفسير للفقرة السابقة، أى اعملوا له و اكتسبوا من صالح الأعمال لأجله قبل حلوله.