الطاعة، و أراد به نفسه الشريف، و علّل
عدم جواز التصدّع بقوله (فتذمّوا غبّ فعالكم) يعنى لو تفرّقتم لعلمتم سوء فعالكم و ذممتم عاقبتها و ندمتم على ما فرّطتم و هو تنفير عن التفرّق بذكر
ما يلزمه من العاقبة المذمومة بسبب استيلاء العدوّ و تظاهر الفتن و انقلاب حالهم
من العزّ إلى الذّلة و من الرخاء إلى الشدّة.
(و لا
تقتحموا ما استقبلتم) و فى بعض النسخ ما استقبلكم تشبيه (من فور نار
الفتنة) أى هيجانها و غليانها، و إضافة النار إلى الفتنة من إضافة
المشبّه به إلى المشبّه، و وجه الشبّه شدّة الذي، إى لا تسرعوا في دخول الفتن
المستقبلة.
(و أميطوا
عن سننها) أى تنحّوا و تبعّدوا عن طريقتها (و خلّوا قصد
السبيل لها) أى دعوا و اتركوا للفتنة سواء الطريق أى الطريق المستقيم لتسلكها و
لا تتعرّضوا لها لتكونوا حطبا لنارها.
(فقد لعمري
يهلك في لهبها المؤمن و يسلم فيها غير المسلم) هذا بمنزلة التعليل
للتنحّى عن طريق الفتنة و لتخلية السبيل لها، و المراد إنكم إن سلكتم سبيلها و
تعرّضتم لها هلكتم، لأنّ أكثر من يصاب و يستأصل عند ظهور الفتن هو المؤمن المخالف
رأيه لرأى أهل الفتنة، و أكثر من يسلم هو المنافق الموافق
لهم فى أباطيلهم و المتابع لهم على مساوى أعمالهم، و هو في الحقيقة أمر لهم
بالانزواء و الاعتزال عن الفتنة و أهلها، و هو نظير قوله في المختار الثاني و
المأة: و ذلك زمان لا ينجو فيه إلّا كل مؤمن نومة إن شهد لم يعرف و إن
غاب لم يفتقد، أولئك مصابيح الهدى و أعلام السرى ليسوا بالمسابيح و لا المذابيع
البذر.
و لما نهاهم
عن التصدّع عن سلطانهم و عن اقتحام الفتن معلّلا بما يوجبه من الهلاك أردفه بذكر
فضل نفسه تنبيها على وجوب اتّباعه و هو قوله:
تشبيه (و انما
مثلي بينكم مثل السراج في الظلمة يستضيء به من ولجها) شبّه نفسه بالسراج و وجه الشبه
الاستضائة التي أشار إليها فكما أنّ السّراج يستضاء بضوئه في
الظلمات الحسيّة فكذلك يستضاء به 7 و يهتدى بنور علمه و هدايته في
الظلمات المعقولة و هى الظلمات الجهالات كما أشار إلى ذلك في المختار الرابع
بقوله: