باطل فالمقدّم مثله، و وجه الملازمة أن
الفناء مكروه بالطبع لكلّ موجود فلو تمكن من الامتناع منه لامتنع فدام، و أما
بطلان التالي فلما ثبت أنّه سبحانه يفنيها فلا يدوم بقاؤها فلا يكون لها قدرة على
الامتناع.
و السابع و
الستون أنه تعالى (لم يتكأده صنع شيء منها إذ صنعه) أى لم يشق عليه
سبحانه صنع شيء من المصنوعات، لأنّ صنعه تعالى ليس
بقوّة جسمانيّة حتّى يطرئه الانفعال و التعب، بل فعله الافاضة و صنعه الابداع
الناشى عن محض علمه و ارادته من غير استعمال آلة أو حركة.
و نحن لو كنا
بحيث لو وجد من نفس علمنا و إرادتنا شيء لم يلحقنا من وجوده تعب و انفعال لكنا
نحتاج في أفعالنا إلى حركة و استعمال آلة على أنّ علمنا و إرادتنا زايدتان على
ذواتنا فاللّه تعالى أولى بأن لا يحلقه تغيّر من صنعه لأنّ فعله بمجرّد علمه و
مشيته الموجبتان لقوله و أمره الواسطتان لفعله و صنعه كما قال عزّ و جلّ: إنّما
أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.
(و) الثامن و
الستون انّه (لم يؤده منها خلق ما برأه و خلقه) أى لم يثقله ايجاد
ما أوجده من المخلوقات، لأنّ الثقل و الاعياء إنّما يعرض لذي القوى و الاعضاء من
الحيوان، و إذ ليس سبحانه بجسم و لاذى آلة جسمانية لم يلحقه بسبب فعله اعياء و لا
تثقل و لا تعب كما قال سبحانه أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي
خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَ و قال وَ لا
يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.
(و) التاسع و
الستون أنّ تكوينه و ايجاده للأشياء ليس لجلب منفعة لنفسه أو دفع مضرّة عنها، لما
قد عرفت في شرح الخطبة الرابعة و الستين مفصلا من أنه ليس بفعله داع و غرض غير
ذاته، فلو كان غرضه من التكوين جلب المنفعة أو دفع المضرّة لزم نقصانه في ذاته و
استكماله بغيره، تعالى عن ذلك علوّا كبيرا.
(و) أشار إلى
تفصيل وجوه المنافع المتصوّرة في التكوين و المضارّ المترتّبة على عدمه و نفيها
جميعا بقوله:
(لم
يكوّنها لتشديد سلطان) قد مصي شرحه في شرح الخطبة الرابعة و الستّين