و أما الزمان فلانه عبارة عن مقدار حركة
الفلك فاذا قدرنا عدم الفلك فلا حركة فلا زمان.
و فيه ردّ
على الفلاسفة القائلين بعدم فناء الأفلاك حسبما اشير إليه سابقا و لدفع زعمهم
الفاسد أيضا أكّده ثانيا بقوله:
(عدمت عند
ذلك) أى عند فناء الأشياء (الاجال و الأوقات، و زالت السّنون و
الساعات) لأنّ كلّ ذلك أجزاء للزّمان و حيث انعدم الزّمان لانعدام الفلك
انعدم ذلك كلّه (فلا شيء إلّا اللّه الواحد القهّار) هذا نصّ
صريح في فناء جميع الأشياء.
و هو على
القول بطريان العدم عليها بجواهرها و ذواتها لا غبار عليه.
و أما على
القول بأنّ الفناء هو التشذّب و تفرّق الأجزاء كما عليه بناء المحققين حسبما عرفته
سابقا فلا بدّ من ارتكاب التأويل و في أمثاله ينصرف لا عن نفى الجنس إلى نفى
الكمال كما في لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد أى لا شيء يصحّ منه الانتفاع
فانّ الأجزاء المتشذّبة المتفرّقة و إن صحّ إطلاق اسم الشيء عليها إلّا أنّها
خرجت بتفرّقها عن حيّز الانتفاع، فكأنّها ليست بشيء أى لا يبقى بعد فناء الأشياء
شيء معتدّ به إلّا اللّه الواحد القهّار للأشياء بالعدم و الفناء، و الغالب عليها
بالاعدام و الافناء، بحيث لا يطيق شيء منها من الامتناع من حكمه و مما يريد
الانفاذ فيها من أمره.
(الذى إليه
مصير جميع الامور) و مرجعها و عاقبتها كما قال عزّ من قال: «ألا إلى اللّه تصير الامور».
قال الطبرسي:
أى إليه ترجع الامور و التدبير يوم القيامة فلا يملك ذلك غيره.
و قال
البحراني: معني مصيرها إليه أخذه لها بعد هبته لوجودها.
و لما ذكر
قهاريّته على الأشياء و صيرورتها كلّها إليه تعالى عقّبه بقوله:
(بلا قدرة
منها كان ابتداء خلقها و بغير امتناع منها كان فناؤها) تنبيها على أنّ لازم
قاهريّته ذلك أى كون الكلّ مقهورا تحت مشيّته غير مقتدر على ايجاد نفسه و لا على
الامتناع من فنائه فهو عاجز ضعيف داخر ذليل لا يملك لنفسه موتا و لا حياة و لا
نشورا.
(و) لما كان عدم
اقتدارها على خلقتها بديهيّا مستغينا عن التعليل بخلاف اقتدارها على الامتناع علّل
الثاني بأنها (لو قدرت على الامتناع لدام بقاؤها) لكن التالي