فثبت بما ذكرنا أنّا إن جوزنا إعادة
المعدوم فلا حاجة إلى ما ذكروه، و إن منعنا إعادة المعدوم كان الاشكال المذكور
باقيا، سواء قلنا إنه تعالى لا يفنيها أو قلنا إنّه يفنيها انتهى.
و وافقه ذلك
الشارح البحراني حيث قال: إنّ بدن زيد مثلا ليس عبارة عن تلك الأجزاء المتشذّبة
المتفرّقة فقط، فانّ القول بذلك مكابرة للعقل بل عنها مع ساير الأعراض و التأليفات
المخصوصة و الأوضاع فإذا شذب البدن و تفرّق فلا بدّ أن يعدم تلك الأعراض و تفني و
حينئذ يلزم فناء البدن من حيث إنّه هذا البدن، فعند الاعادة إن اعيد بعينه وجب
إعادة تلك الأعراض بعينها فلزمت إعادة المعدوم، و إن لم يعد بعينه عاد غيره فيكون
الثواب و العقاب على غيره و ذلك تكذب للقرآن الكريم و لا تزر وازرة وزر اخرى.
اللّهمّ إلّا
أن يقال إنّ الإنسان المثاب و المعاقب إنما هو النفس الناطقة، و هذا البدن كالالة
فاذا عدم لم يلزم عوده بعينه بل جاز عود مثله، لكن هذا إنما يستقيم على مذهب
الحكماء القائلين بالنفس الناطقة لا مذهب من يقول، بالتشذّب و تفرّق الأجزاء، و
مذهب أكثر المحقّقين من علماء الاسلام يؤل إلى هذا القول، انتهى.
اقول: بعد
القول بالمعاد الجسماني و كونه من ضروريّات الدّين، و بعد القول بامتناع إعادة
المعدوم و كونه من البديهيّات حسبما اشرنا إليه، لا مناص من القول بالتفرّق.
و أمّا
الاشكال المذكور فالجواب عنه بناء على نفى الجزء الصورى للأجسام و حصر أجزائها في
الجواهر الفردة كما هو مذهب المتكلّمين ظاهر.
و أمّا بناء
على ثبوت الجزء الصورى فربما يجاب عنه بأنه يكفى فى المعاد الجسماني عود الأجزاء
الماديّة بعينها، و لا يقدح تبدّل الجزء الصورى بعد أن كان أقرب الصور إلى الصورة
الزايلة.