و الخامس و الخمسون أنّه (لم يستعن على خلقها) أى
الخلايق (بأحد من خلقه) و إلّا لكان ناقصا بذاته مفتقرا إلى من
هو مفتقر إليه و هو محال.
(و) السادس و
الخمسون أنّه عزّ و جلّ خالق الأرض و باسطها مشتملة على ما فيها من بدايع الصنع، و
عجائب القدرة و دلائل الكبرياء و العظمة، و قد مضى شرح واف لهذا المعنى في شرح
الفصل الثالث و الثامن من المختار الأوّل و شرح الفصل السادس من المختار التسعين و
أشار هنا إلى بعض ما فيها من شواهد الربوبيّة و براهين التوحيد و التفريد فقال:
(أنشأ
الأرض فأمسكها من غير اشتغال) أى أمسكها على بين الماء «كذا»
بقدرته الكاملة من غير أن يشتغل بامساكها عن ساير أفعاله و صنايعه، فانّه لا
يشغله شأن عن شأن و هو تنزيه له عن الصّفات البشرية، فانّ الواحد منّا إذا أمسك
جسما ثقيلا اشتغل به عن ساير اموره.
(و أرساها
على غير قرار) أي أثبتها على غير قرار يعتمد عليه و لا مقرّ يتمكّن عليه.
(و أقامها
بغير قوائم) أى أقامها على مور أمواج مستفحلة، و لجج بحار زاخرة بغير
قوائم يقوم عليها.
(و رفعها
بغير دعائم) أى رفعها على الماء بغير عماد و دعامة تعلو عليها و تستند إليها.
(و حصّنها
من الاود و الاعوجاج) أى جعلها حصينة منيعة من أن تميل عن مركزها الحقيقي و
تعوج إلى أحد جوانب العالم.
(و منعها
من التهافت و الانفراج) أى جعلها كرة واحدة ثابتة في حيّزها و منعها من أن تتساقط
قطعا و ينفرج بعض أجزائها عن بعض.
(أرسى
أوتادها) أى أثبت فيها الجبال الراسيات التي هي لها بمنزلة الأوتاد المانعة
لها من الميدان و الاضطراب على ما عرفت تحقيقه في شرح الفصل الثّالث من المختار
الأوّل.