إحاطة اللّون الواحد به بجميع أجزائه كما
يحيط القالب بالأشياء المصنوعة بالصبّ فيه من نحاس و نحوه.
(و منها
مغموس في لون صبغ قد طوّق بخلاف ما صبّغ به) أى بعضها ذو لونين
فما زاد كالقبج و الفاختة و البلبل و نحوها ممّا يخالف لون عنقه لون ساير جسده، و
الغرض بذلك كلّه حسبما عرفت التّنبيه على عظمة اللّه سبحانه و كمال قدرته و لطيف
صنعته و بديع حكمته.
و قد شرحه
الصّادق 7 و أفصح عنه في حديث المفضّل.
قال 7: تأمّل يا مفضّل جسم الطّاير و خلقته فانّه حين قدر أن يكون طائرا في
الجوّ خفّف جسمه و ادمج خلقه فاقتصر به من القوايم الأربع على اثنتين، و من الأصابع
الخمس على أربع، و من منفذين للزّبل و البول على واحد يجمعهما، ثمّ خلق ذا جؤجؤ
محدّد يسهل عليه أن يخرق الهواء كيف ما أخذ فيه كما جعل السّفينة بهذه الهيئة
لتشقّ الماء و تنفذ فيه، و جعل في جناحيه و ذنبه ريشات طوال متان لينهض بها
للطّيران، و كسى كلّه الرّيش ليداخله «ليتداخله خ ل» الهواء فيقلّه.
و لما قدّر
أن يكون طعمه الحبّ و اللّحم يبلعه بلعا بلا مضغ نقص من خلقة الأسنان و خلق له
منقار صلب[1] جاس يتناول
به طعمه فلا ينسحج من لقط الحبّ و لا يتقصّف[2]
من نهش اللّحم، و لما عدم الأسنان و صار يزدرد الحبّ صحيحا و اللّحم غريضا أعين
بفضل حرارة في الجوف تطحن له الطعم طحنا يستغنى به عن المضغ.
و اعتبر بأنّ
عجم العنب و غيره يخرج من أجواف الانس صحيحا و يطحن في أجواف الطير لا يرى له أثر.
ثمّ جعل مما
يبيض بيضا و لا يلد ولادة لكيلا يثقل عن الطيران، فانه لو كانت الفرخ في جوفه تمكث
حتى تستحكم لأثقلته و عاقته عن النهوض و الطيران فجعل