و هذا الكلام
نظير ما تقدّم منه 7 في الفصل الثّاني من المختار المأة و الخامس و
السّبعين من قوله: و اعلموا عباد اللّه أنّ المؤمن يستحلّ العام ما استحلّ عاما أوّل
و يحرّم العام ما حرّم عاما أوّل و إنّ ما أحدث النّاس لا يحلّ لكم شيئا مما حرّم
عليكم و لكنّ الحلال ما أحلّ اللّه و الحرام ما حرّم اللّه، و قد مضى منا في
شرح هذا الكلام ما يوجب زيادة البصيرة في المقام هذا.
و قد اضطرب
أنظار الشارح البحراني و المعتزلي في شرح هذه الفقرة و الفقرة السابقة عليه و قصرت
يدهما عن تناول المراد كما يظهر ذلك لمن راجع إلى شرحيهما ثمّ إنّه بيّن اشتراك
المخاطبين مع السابقين الأوّلين في التكاليف و الأحكام و أنّه تعالى لا يرضى منهم
إلّا بما كان رضيه عنهم و لا يسخط عليهم إلّا بما سخط به عن الأولين أكّد ذلك
بقوله (و انما تسيرون في اثر بيّن و تتكلّمون برجع قول قد قاله الرجال
من قبلكم) و هو جملة خبريّة في معنى الانشاء.
يعني اذا كان
تكليفكم متّحدا مع السابقين فلا بدّ لكم أن تسلكوا منهجهم و تحذوا حذوهم و تسيروا
في آثارهم البيّنة الرّشد و تعملوا بما علموه من الأحكام الواضحة من الكتاب و
السنّة، و أن تتكلّموا بقول نافع قد قالوه قبلكم و تنطقوا بكلام يعود منفعته و
فايدته إليكم و إلى غيركم.
و هو كلّ
كلام يفضى إلى الحقّ و يهدى إلى الصراط المستقيم و النهج القويم، و تخصيصه بكلمة
التوحيد أى لا إله إلّا اللّه كما ذهب اليه الشارح المعتزلي لا دليل عليه مع
اقتضاء الأصل عدمه فمحصّل المراد بالجملتين أمر المخاطبين بموافقة السلف الصالحين
فعلا و قولا.
(قد كفاكم
مؤنة دنياكم) قال الشارح البحراني: و تلك الكفاية إمّا بخلقها و ايجادها، و إمّا
برزقه بكلّ ما كتب في اللّوح المحفوظ.
أقول: الظاهر
هو الثّاني و هو نظير قوله 7 المتقدّم في الفصل الأوّل من المختار التسعين: عياله
الخلق ضمن أرزاقهم و قدّر أقواتهم، و قد تقدّم في شرحه