صلاحهم فقد أحسن إليهم، و من جملة
الشّرعيّات ما هو مقرّب إلى الثواب مبعّد من العقاب، و هذا أبلغ ما يكون من
الاحسان و المحسن يجب تعظيمه و شكره بقدر الامكان لا سيّما إذا كان إحسانه بالنعم
العظام و العطايا الجسام.
(و) أكّد عدم
إخفائه شيئا من دينه بأنه (لم يترك شيئا رضيه) و أدّى إلى ثوابه (أو كرهه) و قرب من
عقابه (إلّا) و عرّفه و بيّنه (و جعل له علما باديا) أى علامة
ظاهرة (و آية محكمة) واضحة (تزجر) و تنهى (عنه) لكونه
مكروها (أو) تامر و (تدعو إليه) لكونه مرضيّا.
و لما ذكر
أنّ اللّه سبحانه قبض نبيّه 6 بعد ما فرغ من بيان
الأحكام و أنّه لم يخف شيئا من مراسم الدّين و معالم الاسلام فرّع عليه قوله: (فرضاه
فيما بقى واحد و سخطه فيما بقى واحد) يعني أنّ مرضيّه فيما بقى واحد و سخطه فيما
بقى من الأحكام بين الامة بعد مضىّ النّبي 6 واحد، و كذلك
مسخوطه فيها واحد.
و هذا هو
مذهب أهل الصواب من المخطئة القائلين بأنّ للّه سبحانه في كلّ واقعة حكما معيّنا
واحدا و أنّ المصيب إليه من المجتهدين واحد و غيره خاطئ.
خلافا لأهل
الخطاء من المصوّبة القائلين بتعدّد الأحكام و كثرتها و اختلافها على اختلاف آراء
المجتهدين، و قد عرفت تفصيل الكلام في تحقيق التخطئة و التصويب في شرح المختار
الثامن عشر المسوق في ذمّ اختلاف العلماء في الفتوى، و هناك فوايد نفيسة نافعة
لتوضيح المقام.
و لما ذكر
أنّ حكم اللّه سبحانه واحد بالنسبة إلى الأشخاص نبّه على اتّحاده بالنسبة إلى
الأزمان فقال (و اعلموا أنّه لن يرض عنكم بشيء سخطه على من كان قبلكم، و لن
يسخط عليكم بشيء رضيه ممّن كان قبلكم) يعني أنّ ما كان محرّما على السالفين
الحاضرين في زمان رسول اللّه 6 فهو محرّم على الغابرين
العامين «الغائبين ظ»، و ما كان واجبا على الأوّلين فواجب على الاخرين، لأنّ شرع
محمّد 6 مستمرّ إلى يوم القيامة و حكمه على الواحد حكم
على الجماعة، فلا يجوز تغيير الأحكام الثابتة بالكتاب