(أخذ عليهم
ميثاقه) أى أخذ الميثاق و العهد من المكلّفين على العمل به و بأحكامه، و
المراد به ما ورد في بعض الايات و صدر عن لسان النبوّة من الحثّ و الترغيب عليه و
الأمر باجلاله و إعظامه و القيام بمعالمه و أحكامه.
قال الشارح
المعتزلي: و من الناس من يقول: المراد بذلك قصّة الذرّية قبل خلق آدم 7
كما ورد في الأخبار و فسّر قوم عليه الاية انتهى، و الأولى ما قلناه.
تشبيه (و ارتهن
عليه أنفسهم) لما كان ذمم المكلّفين مشغولة بما تضمّنه القرآن من التكاليف و
الأحكام و كان اللّازم عليهم الخروج عن عهدة التكليف و تحصيل براءة الذّمة شبّههم
بالعين المرهونة لدين المرتهن، فانّ فكّ رهانتها موقوف على أداء حقّ صاحب الدّين
فكذا فكّ رهانة هؤلاء موقوف على عملهم بالتكاليف الشرعيّة و الأوامر المطلوبة.
و هو نظير
قول النبيّ 6 في الخطبة الّتي خطب بها في فضيلة شهر رمضان
أيّها الناس إنّ أنفسكم مرهونة بأعمالكم ففكّوها باستغفاركم، و ظهوركم ثقيلة من ذنوبكم
فخففوا عنها بطول سجودكم.
(أتمّ
نوره) أى جعل نوره تامّا كاملا.
أمّا كونه
نورا فلأنه نور عقلىّ ينكشف به أحوال المبدأ و المعاد يهتدى به في ظلمات برّ
الأجسام و بحر النفوس قال اللّه عزّ و جلّ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ
وَ كِتابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ
السَّلامِ وَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ و أمّا تماميّته
فلكونه أكمل أسباب الهداية أما في بدو الاسلام فلكونه أقوى المعجزات الموجبة لخروج
النّاس من ظلمة الكفر إلى نور الاسلام، و أمّا بعده فلبقائه بين الأمة إلى يوم
القيامة و اهتدائهم به إلى معالم الدّين و مناهج الشرع المبين يوما فيوما.