لا تعمل في الحال كما نسب إلى المحقّقين
من علماء الأدبيّة فلا بدّ من جعل كان تامة بمعنى وجد، و على ذلك فيكون قوله: بين
طابقين ظرفا لغوا متعلّقا بكان.
و قوله:
فاللّه اللّه، نصب على الأغراء أى اتقوا اللّه، و هذا الفعل المحذوف هو متعلّق
قوله في الصحة أى اتّقوه سبحانه في حال الصحّة، و قوله: قبل السقم إمّا بدل من
قوله في الصحة أو حال مؤكدة من الصحّة، و قوله: خذوا من أجسادكم، حرف من نشوية، و
جملة: وافق بهم رسله استيناف بيانيّ فكأنه سئل عن ثمرة الكون مع جيران اللّه فأجاب
بأنّ ثمرته مرافقة الرّسل و زيارة الملائكة و غيرهما.
و قوله: و
نعم الوكيل، عطف إمّا على جملة هو حسبنا، فيكون المخصوص محذوفا، و إمّا على حسبنا
أى هو نعم الوكيل، فيكون المخصوص هو الضمير المتقدّم و على التقديرين و هو من عطف
الانشاء على الاخبار و لا بأس به كما صرّح به ابن هشام و غيره.
المعنى
اعلم أنّ
هذه الخطبة الشريفة مسوقة للثناء على اللّه سبحانه و
وصف الكتاب العزيز و موعظة المخاطبين و وعدهم بالجنّة و وعيدهم من النار و افتتحها
بما هو أحقّ بالافتتاح.
فقال (الحمد
للّه) أى الثناء و الذكر الجميل حقّ له سبحانه و مختصّ به لاختصاص أوصاف
الجمال و نعوت الكمال بذاته و أشار إلى جملة من تلك الصّفات فقال (المعروف
من غير رؤية) أى معروف بالايات، موصوف بالعلامات، مشهود بما أبدعه من عجايب
القدرة و شواهد العظمة في الأرضين و السّماوات، و ليست معروفيّته كمعروفيّة
الأجسام و الجسمانيّات، و ذوى الكيفيّات و الهيات بأن يعرف برؤية العيون بمشاهدة
العيان لكونه تعالى شأنه منزّها عن المقابلة و الجهة و المكان، و غيرها من لواحق
الامكان، و انما تعرفه القلوب بحقايق الايمان على ما عرفت ذلك كلّه تفصيلا و
تحقيقا في شرح المختار التاسع و الأربعين و المختار المأة و الثّامن و السّبعين.