أوصيكم
عباد اللّه بتقوى اللّه الّذي ألبسكم الرّياش، و أسبغ عليكم المعاش، و لو أنّ أحدا
يجد إلى البقاء سلّما، أو لدفع الموت سبيلا، لكان ذلك سليمان بن داود 7
الّذي سخّر له ملك الجنّ و الإنس مع النّبوّة و عظيم الزّلفة، فلمّا استوفى طعمته،
و استكمل مدّته، رمته قسيّ الفناء بنبال الموت، و أصبحت الدّيار منه خالية، و
المساكن معطّلة، و ورثها قوم آخرون، و إنّ لكم في القرون السّالفة لعبرة، أين
العمالقة و أبناء العمالقة؟ أين الفراعنة و أبناء الفراعنة؟ أين أصحاب مداين
الرّسّ؟ الّذين قتلوا النّبيّين، و أطفئوا سنن المرسلين، و أحيوا سنن الجبّارين، و
أين الّذين ساروا بالجيوش، و هزموا الالوف، و عسكروا العساكر، و مدّنوا المداين.
اللغة
(الرياش) و
الريش ما ظهر من اللباس، و قيل: الرياش جمع الريش و هو اللباس الفاخر و (المعاش) و
المعيشة مكتسب الانسان الّذى يعيش به و (السلّم) كسكّر ما يرتقى عليه و (القسىّ)
جمع القوس[1] و (النبل)
السّهام العربيّة لا واحد لها من لفظها
[1] و اصلها قووس على فعول كضرب و ضروب الّا انهم قدموا اللّام
فقالوا قسو على قلوع قلبت الواو ياء و كسروا القاف كما كسروا عين عسى فصارت قسى،
ابن أبي الحديد.