و لا ينشعب منه البدوات كالسنّة و النوم
و الخطرة و الهمّ و الحزن و البهجة و الضحك و البكاء و الخوف و الرجاء و الرغبة و
السّامة و الجوع و الشبع تعالى أن يخرج منه شيء و أن يتولّد منه شيء كثيف، أو
لطيف، و لم يولد لم يتولّد من شيء و لم يخرج من شيء كما يخرج الأشياء الكثيفة من
عناصرها كالشيء من الشيء و الدابّة من الدابّة، و النبات من الأرض، و الماء من
الينابيع، و الثمار من الأشجار، و لا كما تخرج الأشياء اللطيفة من مراكزها كالبصر
من العين، و السّمع من الاذن، و الشمّ من الانف، و الذوق من الفم، و الكلام من
اللسان، و المعرفة و التميز من القلب، و كالنار من الحجر، لا بل هو اللّه الصّمد
الّذى لا من شيء و لا في شيء و لا على شيء، مبدع الأشياء و خالقها و منشيء
الأشياء بقدرته يتلاشى ما خلق للفناء بمشيّته و يبقي ما خلق للبقاء بعلمه، فذلكم
اللّه الصمد الّذى لم يلد و لم يولد عالم الغيب و الشهادة الكبير المتعال، و لم
يكن له كفوا أحد (و لم يتقدّمه وقت و لا زمان) قال الشارح المعتزلي: الوقت هو الزمان و إنما خالف بين اللفظين و
أتى بحرف العطف تفنّنا، و قال الشارح البحراني: الوقت جزء الزمان، و قال العلّامة
المجلسي ره: و يمكن حمل أحدهما على الموجود و الاخر على الموهوم، و على أىّ تقدير
فهو خالقهما و مبدعهما و مقدّم عليهما فكيف يتصوّر تقدّمهما عليه تعالى.
(و لم
يتعاوره) أى لم يختلف و لم يتناوب عليه (زيادة و لا
نقصان) لاستلزامهما التغير المستلزم للامكان المنزّه قدسه عزّ و جلّ عنه.
فان قلت: كان
اللّازم أن يقال زيادة و نقصان لأنّ التعاور يقتضي الضدّين معا كما أنّ الاختلاف
كذلك تقول: لم يختلف زيد و عمرو و لا تقول لم يختلف زيد و لا عمرو.
قلت: أجاب
عنه الشارح المعتزلي بأنّ مراتب الزيادة لما كانت مختلفة جاز أن يقال: لا يعتوره
الزيادة، و كذلك القول في جانب النقصان و جرى كلّ واحد من النوعين مجرى أشياء
متنافية يختلف على الموضع الموصوف بها.