المخالفة و التفرّق على الحالين أى لا
تقبلون من أمرى و ما أقول لكم شيئا سواء كان فيه الرّضا أو السخط.
ثمّ قال (و إنّ
أحبّ ما أنالاق إلىّ الموت) أى أحبّ الأشياء إلىّ لقاء الموت قال الشارح
المعتزلي: و هذه الحال الّتي ذكرها أبو الطيّب فقال:
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا
و حسب المنايا أن يكنّ أمانيا
تمنّيتها لما تمنّيت أن أرى
صديقا فأعيا أو عدوّا مراجيا
ثمّ أشار
7 إلى جهة محبّته للقاء الموت و كراهته لصحبتهم، و هو تثقالهم من إجابة
الحقّ و عدم قبولهم لمواعظه و نصايحه، و ذلك معنى قوله: (قد دارستكم
الكتاب) أى قرأته عليكم للتعليم و قرأتم علىّ للتعلّم (و فاتحتكم
الحجاج) أى حاكمتكم بالمحاجّة و المجادلة (و عرفتكم ما
أنكرتم) أى عرفتكم ما كانت منكرة مجهولة عندكم من طريق الصّلاح و
السّداد و ما فيه انتظام أمركم في المعاش و المعاد استعاره (و سوّغتكم ما
مججتم) أى أعطيتكم من الأرزاق و الأموال ما كنتم محرومين عنها فاستعار لفظ
التسويغ للاعطاء، و الجامع سهولة التناول كما استعار لفظ المجّ و هو اللّفظ من
الفم للحرمان، و الجامع امتناع الانتفاع.
و قوله (لو كان
الأعمى يلحظ أو النائم يستيقظ) أى لو كان الأعمى يلحظ لأبصرتم، و لو كان النائم
يستيقظ لانتبهتم، و هو تعريض عليهم بأنّ لهم أعينا لا يبصرون بها، و آذانا
لا يسمعون بها، و قلوبا لا يفقهون بها، فهم صمّ بكم عمى و هم لا يعقلون ثمّ تعجّب
من حال أهل الشام و متابعتهم على معاوية فقال (و أقرب بقوم) قد مرّ لطف
هذه اللّفظة و افادتها للمبالغة في التعجّب في بيان الاعراب أى ما أشدّ قرب قوم (من الجهل
باللّه) و بشرايعه و بأحكامه (قائدهم معاوية) المنافق بن الكافر (و
مؤدّبهم) و مشيرهم (ابن النابغة) الغادر الفاجر، و أراد به عمرو بن
العاص اللّعين و طوى عن ذكر اسمه تحقيرا و تعريضا على خسّته و دنائته، و قدحا في
نسبه على ما عرفته تفصيلا في شرح المختار الثالث و الثمانين.