كونها ظاهرة بارزة من مادّة و أصل، و من
بطونها اختفائها في حيّز و مكان، و اللّه سبحانه منزّه عن ذلك، بل اطلاق الظّاهر و
الباطن عليه و اتّصافه تعالى بهما باعتبار آخر عرفته تفصيلا في شرح الخطبة
الرّابعة و الستّين.
(لا شبح
فيتقضّى و لا محجوب فيخوى) أى ليس بجسم و شخص فيتطرّق إليه الفناء و
الانقضاء، و لا مستور بحجاب جسمانيّ حتّى يكون الحجاب حاويا له و ساترا.
(لم يقرب
من الأشياء بالتصاق و لم يبعد عنها بافتراق) إشارة إلى أنّ قربه
و بعده بالنسبة إلى الأشياء ليس على نحو الالتصاق و الافتراق كما هو المتصوّر في
الأجسام، بل على وجه آخر تقدّم تحقيقه في شرح الفصل الخامس و السادس من الخطبة
الاولى، و في شرح الخطبة التاسعة و الأربعين.
(لا يخفى
عليه) سبحانه شيء من مخلوقاته، بل هو عالم بها كليّاتها و جزئيّاتها،
ذواتها و ماهيّاتها، عوارضها و كيفيّاتها، و صفاتها و حالاتها، فلا يعزب عنه (من عباده
شخوص لحظة) أى مدّ البصر من دون حركة جفن (و لا كرور لفظة) أى رجوعها و
اعادتها (و لا ازدلاف ربوة) الظّاهر أنّ المراد مجيء انسان إليها في زلف
من اللّيل أو تقدّمهم أى صعودهم إليها.
قال الشّارح
البحراني: ازدلاف الرّبوة تقدّمها و أراد الرّبوة المتقدّمة أى في
النّظر و البادية عند مدّ العين، فانّ الرّبى أوّل ما يقع في العين من الارض انتهى
و هو تفسير بارد سخيف، و المتبادر ما قلناه مضافا إلى أنّ سوق كلام المفيد لكون
الشّخوص و الكرور و الانبساط في قوله (و لا انبساط خطوة) صفة للعباد كون
الازدلاف أيضا من صفاتهم لا من صفات نفس الرّبوة كما هو مقتضى تفسير الشّارح على
أنّ غرض أمير المؤمنين 7 من تعداد هذه الصّفات الاشارة إلى خفايا أوصاف
العباد و حالاتهم، و تقدّم الرّبوة في النظر ليس شيئا مخفيّا فافهم[1]
[1] اشارة الى أنّ عدم خفاء تقدّم الربوة في الناظر بالنسبة الى
نفس الناظر، و أما ادراك غير الناظر لذلك التقدم فلا، بل هو أخفى شيء بالنسبة
اليه كما لا يخفى. منه ره.