(ليس
لأوّليّته ابتداء و لا لأزليّته انقضاء) لأنّه تعالى واجب الوجود لذاته فلو كان
لكونه أوّلا للأشياء حدّ تقف عنده أوّليته و تنتهى به لكان محدثا و لا شيء من
المحدث بواجب الوجود، لأنّ المحدث ما كان مسبوقا بالعدم و واجب الوجود يستحيل عليه
العدم أى ذاته لا يقبل العدم، و من ذلك علم أيضا أنّه ليس لأزليّته انقضاء إذ كلّ
ما ثبت قدمه امتنع عدمه، و الأزليّة عبارة عن القدم، و ربّما يفسّر بأنّها
المصاحبة لجميع الثّابتات المستمرّة الوجود في الزّمان.
(هو الأوّل
لم يزل و الباقي بلا أجل) و غاية و هاتان الجملتان مؤكّدتان لسابقتيهما
يعني أنّه سبحانه لم يزل و لا يزال إذ وجوده أصل الحقيقة و ذاته عين البقاء، و هو
الأوّل و الاخر لأنّه مبدء كلّ شيء و غايته لا أوّل لأوّليّته و لا غاية
لبقائه (خرّت له الجباه و وحّدته الشّفاه) أى سقطت الجباه
ساجدة له، و نطقت الشّفاه بتوحيده لكمال الوهيّته و عظمته و استحقاقه
للعبوديّة و اختصاصه بالفردانيّة (حد الأشياء عند خلقه لها إبانة له من
شبهها) و إبانة لها من شبهه و قد تقدّم توضيح ذلك و تحقيقه في شرح الخطبة
المائة و الثانية و الخمسين فليراجع ثمّة.
(لا تقدرّه
الأوهام بالحدود و الحركات و لا بالجوارح و الأدوات) لمّا كان شأن الوهم
بالنّسبة إلى مدركاته أن يدركها بحدّ أو حركة أو جارحة أو أداة، و كان اللّه
سبحانه منزّها عنها كلّها، لكونها من عوارض الأجسام، صحّ بذلك سلب إدراك الأوهام و تقديرها
أي تعيينها و تشخيصها له تعالى، و قد قال الباقر 7 كلّما ميّزتموه
بأوهامكم في أدقّ معانيه مصنوع مثلكم مردود إليكم، و قد مرّ في شرح الفصل الثّاني
من الخطبة الاولى توضيح هذا المعنى.
(و لا يقال
له متى و لا يضرب له أمد بحتّى) و قد تقدّم تحقيق ذلك أيضا هنالك، فليراجع
إليه.
(الظّاهر
لا يقال ممّا و الباطن لا يقال فيما) يعني أنّ اتّصافه بالظهور و البطون ليس
بالمعنى المتبادر منهما في غيره، فانّ المتبادر من ظهور الأجسام