(انتفعوا ببيان اللّه) أى بما بيّنه في كتابه و على لسان نبيّه 6 فانّه لقول فصل و ما هو بالهزل، و فيه تذكرة و ذكري لاولى الألباب و هدى و
بشرى بحسن الماب فمنفعته أتمّ المنافع، و فايدته أعظم الفوايد.
(و اتّعظوا
بمواعظ اللّه) لتفوزوا جنّة النعيم و الفوز العظيم، و تنجوا من نار الجحيم و
العذاب الأليم (و اقبلوا نصيحة اللّه) فانّها مؤدّية إلى درجات الجنات منجية
من دركات الهلكات، و الاتيان بلفظ الجلالة و التصريح باسمه سبحانه في جميع الجملات
مع اقتضاء ظاهر المقام للاتيان بالضمير لايهام الاستلذاذ و لإدخال الرّوع في ضمير
المخاطبين و تربية المهابة و تقوية داعى المأمورين لامتثال المأمور به، و قول
الشارح البحراني بأنّ ذلك أى تعدية الاسم صريحا للتعظيم فليس بشيء.
و لما أمر
بالاتّعاظ و الانتصاح علله (فانّ اللّه قد أعذر إليكم بالجليّة) يعني أنّه
سبحانه قد أبدى العذر اليكم في عقاب العاصين منكم بالاعذار الجليّة و البراهين
الواضحة من الايات الكريمة لأنّه لا يكلّف نفسا إلّا ما اتيها ليهلك من هلك عن
بيّنة و يحيى من حىّ عن بيّنة.
(و اتّخذ
عليكم الحجّة) بارسال الرّسول و إنزال الكتاب يعني أنّه أتمّ الحجّة على المكلّفين
بما اتاهم و عرّفهم حتى لا يكون لهم عذر في ترك التكاليف و لا يكون للنّاس عليه
حجّة بعد الرّسل قال عزّ من قائل: وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ
رَسُولًا (و بيّن لكم محابّه من الأعمال و مكارهه منها) أى بيّن في
كتاب العزيز الفرائض و الواجبات من الحجّ و الجهاد و الصوم و الصّلاة و غيرها من
الأعمال الصّالحات المطلوبة له و المحبوبة عنده، و المحظورات من الكذب و الغيبة و
النميمة و السعاية و غيرها من الأفعال القبيحة المبغوضة له المكروهة لديه.
و انّما
بيّنها (لتتّبعوا هذه) أى محابّ الأعمال (و تجتنبوا هذه) أى مكارهها (فانّ
رسول اللّه 6) تعليل لوجوب اتّباع المحابّ و وجوب اجتناب
المكاره (كان يقول: إنّ الجنّة حفّت بالمكاره و إن النّار حفّت بالشهوات) يعني أنّ
الجنّة محفوفة بالصبر على مشاقّ الطاعات و الكفّ عن لذائذ السيّئات و كلاهما مكروه
للنّفس،