و (الغسق) محركة الظّلام أو ظلمة أوّل
اللّيل و (تفيّاء) الظلّ تقلّب و رجع من جانب إلى جانب قال سبحانه: يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ و (عقبت) زيدا عقبا
من باب قتل و عقوبا و عقّبته بالتشديد جئت بعده، و منه سمّى رسول اللّه 6 العاقب لأنّه عقب من كان قبله من الأنبياء أي جاء بعدهم، و
تعقبه الشّمس مضارع عقب بالتخفيف و يروى يعقّبه مضارع عقّب بالتضعيف و في نسخة
الشارح المعتزلي تعقّبه قال الشارح أى تتعقّبه فحذف إحدى التائين كما قال سبحانه: الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ و
(تأثّل) المال اكتسبه و (أحار) جوابا يحيره ردّه.
الاعراب
من في قوله:
من عباده، ابتدائية، و قوله: في ليل، متعلّق بقوله: يخفى، أو بالشخوص، و الكرور و
الازدلاف و الانبساط على سبيل التنازع و الثاني أظهر و أولى كما لا يخفى، و قوله:
في الافول و الكرور، ظرف لغو متعلّق بتعقب، و قال الشارح المعتزلي: ظرف مستقرّ في
موضع نصب على الحال، أي و تعقبه كارّا و آفلا و من فى قوله: من اقبال، بيان
التّقليب.
المعنى
اعلم أنّ هذه
الخطبة الشريفة مسوقة للثناء على اللّه سبحانه و تعظيمه و تمجيده بجملة من نعوت
جماله و صفات جلاله.
قال الشارح
المعتزلي: اعلم أنّ هذا الفنّ هو الّذي بان به أمير المؤمنين 7 عن
العرب في زمانه قاطبة، و استحقّ به الفضل و التقدّم عليهم أجمعين، و ذلك لأنّ
الخاصّة التي يتميّز بها الانسان عن البهايم هى العقل و العلم، ألا ترى أنّه
يشاركه غيره من الحيوانات في اللّحميّة و الدّمويّة و القوّة و القدرة و الحركة
الكاينة على سبيل الارادة و الاختيار، فليس الامتياز إلّا بالقوّة الناطقة أى
العاقلة العالمة، فكلّما كان الانسان أكثر حظّا منها كانت انسانيّته أتمّ.
و معلوم أنّ
هذا الرّجل انفرد بهذا الفنّ و هو أشرف العلوم، لأنّ معلومه أشرف المعلومات، و لم
ينقل عن أحد من العرب غيره في هذا الفنّ حرف واحد