بالسنّ و الأنف بالأنف و أنا أقول لكم لا
تقاوموا الشرّ بالشرّ بل من ضرب خدّك الأيمن فحوّل إليه الخدّ الأيسر و من أخذ
رداءك فأعطه إزارك و من سخّرك لتسير معه ميلا فسر معه ميلين، و كلّ ذلك أمر
بالصّبر على الأذى.
و في الكافي
عن حفص بن غياث قال: قال أبو عبد اللّه 7 يا حفص: إنّ من صبر صبر قليلا
و إنّ من جزع جزع قليلا. ثمّ قال: عليك بالصّبر في جميع امورك فانّ اللّه عزّ و
جلّ بعث محمّدا 6 فأمره بالصبر و الرفق فقال: وَ
اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا وَ ذَرْنِي وَ
الْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ و قال تبارك و تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي
هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ
حَمِيمٌ وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو
حَظٍّ عَظِيمٍ.
فصبر رسول
اللّه 6 حتّى نالوه بالعظائم و رموه بها فضاق صدره فأنزل
اللّه جلّ و عزّ وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ.
ثمّ كذّبوه و
رموه فحزن لذلك 6 فأنزل اللّه عزّ و جلّ: قَدْ
نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ
وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ
مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا فألزم
النبيّ 6 نفسه الصّبر فتعدّوا، فذكروا اللّه عزّ و جلّ
و كذبوه فقال: قد صبرت في نفسي و أهلي و عرضي و لا صبر لي على ذكر إلهي فأنزل
اللّه عزّ و جلّ:
وَ لَقَدْ
خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ ما
مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ فصبر 6 في جميع أحواله.
ثمّ بشّر في
عترته بالأئمة و وصفوا بالصّبر فقال جلّ ثناؤه وَ جَعَلْنا
مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا
يُوقِنُونَ فعند ذلك قال النّبيّ 6 الصبر من الايمان
كالرأس من الجسد، فشكر اللّه عزّ و جلّ له فأنزل اللّه: وَ تَمَّتْ
كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَ دَمَّرْنا
ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ وَ ما كانُوا يَعْرِشُونَ فقال النبيّ
6 إنّه بشرى و انتقام.