آلاف و كانوا اثنى عشر ألفا و لمّا أصرّ
الباقون و هم أربعة آلاف على اللّجاج، و لم ينفعهم الاحتجاج، قطع دابرهم بسيف يفلق
الهام، و يطيح السواعد و الأقدام.
تذر الجماجم ضاحيا هاماتها
بله الأكفّ. كأنّها لم تخلق
حسب ما عرفته
تفصيلا فى شرح الخطبة السادسة و الثلاثين و غيرها.
ثمّ أخذ في
التنفير عن الدّنيا و التّزهيد فيها بقوله (ألا و إنّ هذه الدّنيا) الاتيان
باسم الاشارة للتحقير كما في قوله تعالى: أَ هذَا الَّذِي يَذْكُرُ
آلِهَتَكُمْ، و في الاتيان بالموصول أعني قوله: (الّتي أصبحتم
تتمنّونها و ترغبون فيها و أصبحت تغضبكم و ترضيكم) تنبيه على خطاء
المخاطبين، و توبيخ لهم بأنّهم يرغبون في شيء يخلصون المحبّة له و هو لا يراعي
حقّهم بل يغضبهم تارة، و يرضيهم اخرى و نظير هذا الموصول المسوق للتنبيه على
الخطاء ما في قوله:
إنّ الّذين ترونهم إخوانكم
يشفى غليل صدورهم أن تصرعوا
يعني أنّ هذه
الدّنيا مع تمنّيكم لها و فرط رغبتكم فيها و مع عدم إخلاصها المحبّة لكم (ليست
بداركم) الّتي يحقّ أن تسكنوا فيها (و لا منزلكم الذي خلقتم له) و للاقامة
فيه (و لا الّذي دعيتم إليه) و إلى التوطن فيه (ألا و
إنّها ليست بباقية لكم و لا تبقون عليها) و إلى هذا ينظر قوله 7:
أرى الدّنيا ستؤذن بانطلاق
مشمّرة على قدم و ساق
فلا الدّنيا بباقية لحيّ
و لا حىّ على الدّنيا بباق
يعني أنّها
دار فناء لا تدوم لأحد و لا يدوم أحد فيها (و هى و إن غرّتكم منها) بما زينتكم
من زخارفها و إغفالكم عن فنائها (فقد حذّرتكم شرّها) بما أرتكم من آفاتها
و فنائها و ما ابتليتم فيها من فراق الأحبّة و الأولاد و نحوها (فدعوا
غرورها) اليسير (لتحذيرها) الكثير (و أطماعها) الكاذب
(لتخويفها) الصّادق.
(و سابقوا فيها) بالخيرات و الأعمال
الصّالحات (إلى الدّار الّتي دعيتم إليها) و هي الجنّة الّتي
عرضها الأرض و السّماوات (و انصرفوا بقلوبكم عنها) إلى ما لم
يخطر على قلب بشر ممّا تشتهيه الأنفس و تلذّ الأعين و جميع الامنيّات تشبيه (و لا
يحنن أحدكم حنين الأمة على ما زوي) و صرف (عنه منها) و هو نهى عن
الأسف على الدّنيا