قال: و المراد بالقتل صبرا أن يقيّد يداه و رجلاه مثلا حال قتله و
حينئذ فاذا اريد عدم الكراهة أطلقه و قتله و لعلّ هذا هو المراد ممّا فسّره به غير
واحد بل نسبه بعض إلى المشهور من أنه الحبس للقتل.
و في
القاموس: و صبر الانسان و غيره على القتل أن يحبس و يرمى حتّى يموت.
و أمّا ما
قيل من أنّه التعذيب حتّى يموت أو القتل جهرا بين الناس أو التهديد بالقتل ثمّ
القتل أو القتل و ينظر إليه آخر أو لا يطعم و لا يسقى حتّى يموت بالعطش و الجوع
فلم أجد ما يشهد لها بل الأخير منها مناف لما سمعته من وجوب الاطعام و السقى.
و كيف كان
فقد ظهر بذلك أنّ في قوله 7 فقتلوا طائفة صبرا من الدّلالة
على عظم خطيئتهم ما لا يخفى لأنه إذا كان قتل الكفّار المحاربين بهذه الكيفية
المخصوصة مكروها أو حراما على اختلاف تفسير الصّبر[1]
فكيف بالمؤمنين مضافا إلى أنّهم لم يقنعوا بذلك بل (و) قتلوا (طائفة) اخرى (غدرا) و قد قال
رسول اللّه 6 يجيء كلّ غادر بامام يوم القيامة مائلا شدقه
حتّى يدخل النّار.
و قال أمير
المؤمنين 7 في حديث اصبغ بن نباته و هو يخطب على منبر الكوفة أيّها
النّاس لولا كراهة الغدر لكنت من أدهى الناس الا إنّ لكلّ غدرة فجرة، و لكلّ فجرة
كفرة الا و إنّ الغدر و الفجور و الخيانة في النّار هذا و سنقصّ عليك قتلهم طائفة
صبرا و طائفة غدرا في ثاني التنبيهين الاتيين إنشاء اللّه.
ثمّ إنّه
7 لما أبدى العذر في قتالهم و وجوب قتلهم بثلاث كباير موبقة إحداها
إخراجهم لحبيس رسول اللّه 6 و هتكهم لناموسه، و ثانيتها نكثهم
البيعة بعد سماحهم للطاعة، و ثالثها قتلهم للمسلمين صبرا و غدرا أقسم بالقسم
البارّ بحلّيّة قتلهم ازاحة للشبهة عمّن كان في قلبه مرض فقال:
(فو اللّه
لو لم يصيبوا من المسلمين إلّا رجلا واحدا معتمدين لقتله) أى
[1] فعلى التفسير الاخير يكون حراما و على غيره يكون مكروها كما
هو ظاهر( منه ره)