إليه بمقتضى الأدلّة السّابقة أفضل ما
يتوقّى به من الدّواهي و المكاره، و ترس من الأعداء و جنّة لا شيء أوقى منه، و
أنفذ عليهم من السّنان الحديد، و أشدّ تأثيرا من الضرب بالمشرفيّ و المهنّد و
الطعن بالخطى و القنى المسدّد لا جرم توجّه أمير المؤمنين 7 إليه
سبحانه بالدّعاء لما عزم لقاء القوم بصفّين[1]
فقال:
حقيقت-
استعاره (أللّهمّ ربّ السقف المرفوع) أى السّماء الّتي
رفعها بغير عمد ترونها، و إطلاق السقف عليها إمّا حقيقة أو
من باب الاستعارة تشبيها لها بسقف البيت في الارتفاع و الاحاطة مجاز (و الجوّ
المكفوف) أى الفضاء الذي كفّها بقدرته و جعله محلّا لسماواته و أرضه.
قال الشّارح
البحراني بعد تفسير السقف المرفوع بالسّماء و كذلك الجوّ
المكفوف قال الشارح المعتزلي الجوّ المكفوف السّماء أيضا كفّه أى جمعه و ضمّ
بعضه إلى بعض، و يمرّ في كلامه 7 نحو هذا و أنّ السّماء هواء جامد أو
ماء جامد انتهى.
و فيه نظر
لما قد دلّت عليه الفصل الثامن من الخطبة الاولى صريحا أنّ الجوّ غير السّماء و
أنّه محلّ لها حيث قال 7 هناك:
ثمّ أنشأ
سبحانه فتق الأجواء و شقّ الأرجاء و سكائك الهواء- إلى أن قال:- فرفعه في هواء
منفتق، و جوّ منفهق فسوّى منه سبع سماوات. فانظر ما ذا ترى، هذا.
مضافا إلى
أنّ كون الجوّ بمعنى السماء لم يذكره أحد من اللّغويّين و غيرهم فيما رأيتهم بل هم
بين مفسّر له بالهواء و بين مفسّر بالفضاء و بعضهم بما بين السّماء و الأرض
اللّهمّ إلّا أن يوجّه ما ذكره الشارحان بأنّه اريد منه في خصوص هذا المقام
السّماء مجازا بعلاقة الحال و المحل أو المجاورة بقرينة قوله (الذي
جعلته
[1] في الكافى عن علىّ بن ابراهيم عن أبيه عن النوفلى عن السكونى
عن أبي عبد اللّه( ع) قال قال أمير المؤمنين( ع) اغتنموا الدعاء عند أربع: عند
قراءة القرآن، و عند الاذان، و عند نزول الغيث، و عند التقاء الصفّين للشهادة(
منه).