المتوسطة بأن حذف الأداة أقوى من حذف وجه
الشّبه لجعل المشبّه عين المشبّه به من حيث الظاهر.
تنبيه و
تحقيق
اختلف أرباب
البلاغة في التّشبيه المحذوف الوجه و الأداة سواء ذكر المشبّه و جعل المشبّه به
خبرا عنه نحو زيد أسد، أو في حكم الخبر نحو إنّ زيدا أسد و كان زيد أسدا أو علمته
أسدا و نحو ذلك، أو حذف القرينة دالة عليه نحو صمّ بكم عمى، فالمحققون على أنّه
تشبيه بليغ و لا باس بذكر كلامهم حتّى يتّضح المرام فاقول قال الشّارح البحراني:
الفرق بين
الاستعارة و التشبيه أن التّشبيه، حكم إضافي يستدعي مضافين و ليس الاستعارة كذلك،
فانك إذا قلت رأيت أسدا و لم تذكر شيئا آخر حتّى تشبهه بالأسد فلم يكن ذلك تشبيها
بل اعطى المعنى لفظا له لأجل المشابهة بينه و بين معناه الأصلى و ما هو لأجل شيء
آخر لا يكون نفس ذلك و قال المطرّزي: الاستعارة أن تريد تشبيه الشيء بالشّيء
فتدع أن تفصح بالتشبيه و تظهره و تجيء إلى اسم المشبه به فتعيره المشبّه و تجريه
عليه مع طرح ذكره من البين لفظا و تقديرا و قال صاحب المفتاح في محكي كلامه: إذا
كان المشبّه مذكورا أو مقدرا فهو تشبيه لا استعارة و قال صاحب التّلخيص بعد ما عرف
التّشبيه بأنّه الدلالة على مشاركة أمر لأمر آخر في معنى:
فدخل فيه نحو
قولنا زيد أسد و نحو قوله تعالى: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ^ و قال العلامة
التّفتازاني في إبداء الفرق بين نحو لقيني أسد يرمى، و لقيت في الحمام أسدا و بين
نحو زيد أسد أو أسد في مقام الاخبار عن زيد حيث يعدّ الأوّل استعارة و الثّاني
تشبيها ما لفظه: و تحقيق ذلك أنّه اذا اجرى في الكلام لفظة ذات قرينة دالة على
تشبيه شيء بمعناها فهو على وجهين أحدهما أن لا يكون المشبّه مذكورا و لا مقدّرا
كقولك لقيت في الحمام أسدا أى رجلا شجاعا، و لا خلاف في أنّ هذا استعارة لا تشبيه
و الثاني أن يكون المشبّه مذكورا أو مقدّرا و حينئذ فاسم المشبه به إن كان خبرا عن
المشبّه أو في حكم الخبر كخبر باب كان و إنّ و المفعول