قال الشّارح
المعتزلي: و ذلك ليس ببعيد، فقد ذهب إليه قوم من أهل النّظر، و جعلوه جسما لطيفا
خارجا عن مشابهة هذه الأجسام، و منهم من جعله مجردا هذا.
و قال
العلّامة المجلسي في البحار: المراد بفتق الأجواء ايجاد الأجسام في الأمكنة الخالية،
بناء على وجود المكان بمعنى البعد، و جواز الخلاء، أو المراد بالجوّ البعد
الموهوم، أو أحد العناصر، بناء على تقدّم خلق الهواء، و قوله 7:
و شقّ
الأرجاء كالتّفسير لفتق الأجواء، أو المراد بالأرجاء الافضية و الأمكنة، و
بالأجواء عنصر الهواء، و قوله 7: و سكائك الهواء بالنّصب كما في كثير من
النّسخ، معطوف على فتق الأجواء، أى أنشأ سبحانه سكائك الهواء، و الجرّ كما في بعض
النّسخ أظهر، عطفا على الأجواء، أى أنشأ فتق سكائك الهواء، انتهى كلامه رفع مقامه.
و في شرح ابن
ميثم فان قلت: إنّ الأجواء و الأرجاء و السكائك امور عدميّة، فكيف يصحّ نسبتها إلى
الانشاء عن القدرة؟ قلت إن هذه الأشياء عبارة عن الخلاء و الأحياز، و الخلاف في
أنّ الخلاء و الحيّز و المكان هل هي امور وجوديّة أو عدميّة مشهور، فان كانت
وجوديّة كانت نسبتها إلى القدرة ظاهرة، و يكون معنى فتقها و شقّها شق العدم عنها،
و إن كانت عدميّة كان معنى فتقها و شقّها و نسبتها إلى القدرة: تقديرها، و جعلها
أحيازا للماء، و مقرّا، لأنّه لما كان تمييزها عن مطلق الهواء و الخلاء بايجاد
اللَّه فيها الماء، صار تعيّنها بسبب قدرته، فتصحّ نسبتها إلى إنشائه، فكانه
سبحانه شقّها و فتقها بحصول الجسم فيها و هذا قريب ممّا ذكره المجلسي أوّلا.
و الحاصل
أنّه سبحانه أنشأ أحيازا و أمكنة خالية (فأجرى فيها ماء متلاطما تيّاره) أى موجه و
لجّته (متراكما زخاره) أى طمومه و امتلائه، و لمّا خلق سبحانه الماء (حمله على
متن الرّيح العاصفة) الشديدة العصف و الهبوب (و الزّعزع