و أمّا ثانيا فلأنّه لو لم يكن كلاما
مستأنفا لا بدّ و أن يجعل معطوفا، إمّا على جملة الصّفة أعني قوله: يستأنس، أو على
الموصوف مع صفته، و كلاهما غير ممكن، كما هو واضح، فقد تحقّق كون الجملة استينافيّة،
اللّهم إلّا أن يقال إنّه عطف على جملة الصّفة، و لا زايدة، كما في قوله تعالى:
ما
مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ.
و احتمل
العلامة المجلسي كونها حالا، و الأوّل أظهر.
المعنى
قد عرفت
معانى كلمة كان، و الأنسب بل المتعين في المقام هو أن يجعل المبدأ في قوله: (كائن) هو
التّامّة، و لكن لمّا كان المفهوم منه حسبما عرفت، الوجود المقارن للزّمان الذي قد
انقضى، و كان ذاته سبحانه منزّهة عن الزّمان، استحال أن يقصد وصفه بالكون الدّالّ
على الزّمان المستلزم للتّجدد و الحدثان، و إذا استحال ذلك لم يكن له دلالة إلّا
على الوجود المجرّد عن القيدين، فلذلك قيّده 7 بقوله: (لا عن
حدث) تنبيها على أنّ وجوده سبحانه ليس وجودا حدوثيا، و أنّه سبحانه كائن
بلا كينونية، و قوله: (موجود لا عن عدم) إشارة إلى أنّ وجوده
سبحانه ليس على حدّ وجودات ساير الأشياء ناشيا من العدم و مسبوقا به، و الفرق بين
الفقرتين بعد اتحادهما في الدّلالة على نفى الوجود التّجددي هو أنّ الاولى نافية
للحدوث الزّماني، و الثّانية نافية للحدوث الذاتي، و هي أبلغ في الدّلالة على وجوب
الوجود من الاولى كما لا يخفى، و مساقهما مساق قوله 7 في الخطبة المأة و
الخامسة و الثّمانين: سبق الأوقات كونه و العدم وجوده، فليلاحظ ثمّة (مع كلّ
شيء لا بمقارنة) هذه الفقرة كسابقتيها و تاليتها مركبة من قضيّتين، إحداهما ايجابيّة
و الاخرى سلبيّة.
أمّا الاولى
فهي أنّ اللَّه سبحانه مع كلّ شيء عالم بهم، شاهد عليهم، مصاحب معهم، غير غايب عنهم،
كما قال: