«آستلي» و زمرته ألهتني حق الالهاء، و هذا الفارس من البارع في فروسيته له محل في لندن و لكنّه يجيء في كل سنة ليقضي أربعة أشهر أو خمسة في دبلن لإبهاج الإيرلنديين، ببراعته و مهارته الّتي تفوق كثيرا جميع ما رأيته في الهند.
و لم يكن عجبي قليلا من اختراع للأوروبيين جديد اسمه «بانوراما» [1] و ملعبه يمثل «جبل طارق» القلعة المشهورة القائمة على مدخل البحر المتوسط في ضفة إسبانية، و قد قادوني في ممر مظلم، في قاعة كبيرة مستديرة صور على حيطانها مدينة جبل طارق، و قد أحسنوا تنظيم الضياء بحيث تظهر الأشياء جميعها طبيعية، و رأيت وقعة بحرية بين الفرنسيين و الإنكليز و يسمع الإنسان فيها ما عدا دوي المدافع أصوات القنابر و هي تصفر من حولنا، و تقلع الصواري و الأشرعة من السفن.
أخلاق الإيرلنديين
إنّي محاول أن أقدّم رأيا في أخلاق الإيرلنديين، فأغلبهم نصارى على مذهب الكاثوليك الروميين، و أفراد منهم يدينون بدين الإنكليز الّذين يسميهم الكاثوليكيون «منشقين» و خوارج أو فلاسفة، و معنى ذلك أنّهم يعتقدون الإله و ينكرون الوحي، أو كفار، و هم أكثر تسامحا من الإنكليز و أقل أباطيل من الإيكوسيين، و هم أكثر شجاعة و حبا للتصريح و أوسع كرما، و لكن يعوزهم غالبا التروئة و التفكير و الرشاد و مع هذا فأذهانهم جيدة و إحساسهم [2] ايدة، و لما كنت في دبلن و كان يتفق أن أضل طريقي فكنت أسأل عنه أوّل من أراه فكان، بعد أن علم بأنّي أجنبي، يترك عمله حالا و يستصحبني إلى الموضع الّذي أريد الذهاب إليه.
و الإيرلنديون جدّ مبذرين فمن النادر أن يكونوا قادرين على أن يعينوا أصدقاءهم إعانة مالية، و فقرهم يمنعهم من أن ينجذبوا نحو الترف كالإنكليز، و لا يكلفون أنفسهم نصب التحديد لنفقاتهم، و تملق الكبراء كما