responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة نویسنده : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    جلد : 1  صفحه : 198

جاءنا حوذي العربة يدعو صارخا ركاب العربة، فوجب عليّ استئذان المسيو «بارنو» فقد كانت شؤونه تلزمه البقاء ثلاثة أيّام أو أربعة في أفينيون.

و قد وجدت في عربة السرعة ثلاثة رجال، و إذ كان الوقت ليلا لم أستطع تمييزهم، و سرعان ما ناموا و تركوني وادعا وداعة تامّة، و لما انبلج الصبح وجدت أنّهم فرنسيون قباح السّيما، و أحدهم قصير القامة غير قصير العمر، و منحني الظهر، و قد أرادوا أن يحادثوني و لكني لم أستطع إجابتهم، لأنّي لم أفهم لغتهم، ثم جاءت فركبت العربة امرأة شابة تجتذب الألحاظ بعينيها الجميلتين، و شعرها الأسود الطويل، و كانت مصرية و مع أنّها مولودة نصارى كانت تتكلّم بالعربية بطلاقة تامّة، و ما كانت تجلس في العربة حتّى أخذ الشيخ الفرنسي القصير الّذي ذكرته آنفا يمازحها و يتحرش بها بأوسع انبساط أو حرية، فتشجع الآخر بما فعل و اقتديا به، و أشاروا إليّ بأن أشاركهم‌ [1] في ذلك فأبيت مغتاظا منهم، و مع هذا فالفتاة قاومتهم بشجاعة و لم تصرخ كما تفعل المرأة في بلاد الهند لمثل هذه الحال، بل أوسعتهم سبّا، فكأنّ ذلك ألهاهم غاية الإلهاء، و إن لم يفهموا اللغة العربية، و حاولوا أن تعيد الألفاظ بأعيانها و رجوا منها أن تبينها لهم باللغة الفرنسية، و الحوذي الخبيث الّذي يجب عليه الدفاع عن المرأة ظهر أنّه بالضد من ذلك، فقد أعجب بهذه الفظاظة. و ثرت أنا على هذه السيرة السيّئة فبادرت إلى إقعاد الفتاة في زاوية العربة، وقعدت بينها و بين أقوى خصومها حتّى تستطيع أن تقاوم بسهولة الخليع الصغير القاعد بإزائها، و لما أجبر الآخران على الاقتصار على الكلام واصلا ممازحتها إلى حين وصولنا إلى مرسيليا و إذ ذاك وجب تفرّقنا، و في غد ذلك اليوم لقيت الشابة المصرية في الشارع، فأعربت لي عن شكرها لي و أفادتني جدا في أثناء إقامتي بمرسيليا.

أبو طالب في مرسيليا

مرسيليا مدينة كبيرة و جميلة و من أشهر موانئ فرنسا البحرية و هي أيضا ملتقى تجار جميع البلاد الّتي على سواحل البحر الأبيض المتوسط و لا


[1] الضمير يعود إلى الثلاثة. (المترجم).

نام کتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة نویسنده : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    جلد : 1  صفحه : 198
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست