نام کتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة نویسنده : أبو طالب بن محمد الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 193
توطد التعارف بيننا رجوت منه أن يذكر لي بصدق من يكون؟ فقال لي بصوت خفيض: «اسمي الحقيقي سيّد محمّد و قد ولدت في بلاد العجم، و لكني استوطنت القسطنطينية مدة طويلة، و قد طوّفت في جزء كبير من الأرض، و أنا أستطيع الكلام بإحدى عشرة لغة، و لكني لا أكترث أن يعلم أحد أني مسلم [1]». فلما كنت في القسطنطينية بعد ذلك فحصت عن حال هذا الرجل، فعلمت أنّه لص من تلك المدينة، له أقرباء من اليونانيين الّذين هم طبقة أدنأ الأدنياء.
و قد سررت في باريس بالتعرف إلى عدّة أدباء و منهم من يتقن اللغات الشرقية و أذكر خاصة المسيو ماتيو لانكليه [2] و «دي ساسي [3]» و كان هذان العالمان يزوراني كل يوم، و كلاهما يتكلّم بالفارسية على قدر الضرورة و الحاجة، و لكونهما قد درسا اللغة العربية فقد ترجما من قصائدي ذوات الأدوار إلى اللغة الفرنسية شعرا بسهولة كثيرة، و ألفيتهما متحليين بإدراك واسع، و ذهن وقاد لم أر له مثيلا عند أحد من الإنكليز الّذين عرفتهم.
و لعلّ اللغة الفرنسية أقرب إلى اللغة الفارسية من اللغة الإنكليزية، و من الجائز أن يكون شعرنا أكثر مواءمة لقرائح الفرنسيين منه لقرائح شعوب مناخها أبرد من مناخ فرنسا [4]، و قد وعدني هذان السيدان أن ينشرا أشعاري في مجلاتهما، و ما أعلم أوفيا بوعدهما أم لا؟
و في نحو من خمسة عشر يوما من مغادرتي باريس استزارني المستر «تاليرند» و بلغني بوساطة المسيو «جوبرت» ترجمان الحكومة الفرنسية للغات
[1] هكذا ورد في أصل الترجمة الفرنسية، و لعلّ الأصل الفارسي بالضد، بدلالة أنّه غير اسمه و دينه خداعا للنّاس. (المترجم).
[2] هو لويس ماتيو لانكليه مستشرق فرنسي ولد سنة 1767 م و توفي سنة 1824 م. (المترجم).
[3] هو أنطوان إسحاق بارون سلفيستردي ساسي مستشرق فرنسي و من رجال الدولة. ولد بباريس سنة 1758 م و توفي بها سنة 1838 م و هو المؤسس الحقيقي للدراسات العربية في فرنسا و كتابه «النحو العربي» بقي عمدة كتب هذا الفن دهرا في فرنسا، و كتابه الثاني «مختارات من أدب العرب» من أحسن الكتب في موضوعه و أوسعها. (المترجم).
[4] لعلّ القارئ يستغرب تصفيّد أبي طالب أسباب التسويغ لإهمال الإنكليز شؤون غيرهم من الأمم استكبارا. (المترجم).
نام کتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة نویسنده : أبو طالب بن محمد الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 193