عرفنا سابقا أن الأحكام الشرعية تابعة للمصالح و المفاسد و الملاكات التي يقدرها المولى وفق حكمته و رعايته لعباده، و ليست جزافا أو تشهيا.
و عليه فإذا حرّم الشارع شيئا، كالخمر مثلا، و لم ينصّ على الملاك و المناط في تحريمه فقد يستنتجه العقل و يحدس به، و في حالة الحدس به يحدس حينئذ بثبوت الحكم في كل الحالات التي يشملها ذلك الملاك، لأن الملاك بمثابة العلة لحكم الشارع، و إدراك العلة يستوجب إدراك المعلول.
و أما كيف يحدس العقل بملاك الحكم و يعيّنه في صفة محددة (1)، فهذا ما قد يكون عن طريق الاستقراء تارة و عن طريق القياس أخرى.
و المراد بالاستقراء أن يلاحظ الفقيه عددا كبيرا من الأحكام يجدها جميعا تشترك في حالة واحدة من قبيل أن يحصي عددا كبيرا من الحالات التي يعذر فيها الجاهل فيجد أن الجهل هو