الشارع شيئا قيدا في الواجب تحصيص الواجب به و الأمر به بما هو مقيد بذلك القيد. و في المثال السابق حينما نلاحظ الطهارة مع ذات الصلاة لا نجد أن أحدهما علة للآخر أو جزء العلة له (1)، و لكن حينما نلاحظ الطهارة مع تقيد الصلاة بها نجد أن الطهارة علة لهذا التقيد [بالطهارة]، إذ لولاها لما وجدت الصلاة مقيدة و مقترنة بالطهارة.
و من ذلك نستخلص أن أخذ الشارع قيدا في الواجب يعني أولا: تحصيص الواجب به، و ثانيا: إن الأمر يتعلق بذات الواجب و التقيد بذلك القيد. و ثالثا: إن نسبة القيد إلى التقيد نسبة العلة إلى المعلول، و ليس كذلك نسبته إلى ذات الواجب.
و قد يؤخذ شيء قيدا للوجوب و للواجب معا، كشهر رمضان الذي هو قيد لوجوب الصيام فلا وجوب للصيام بدون [دخول] رمضان، و هو أيضا قيد للصيام الواجب، بمعنى أن الصوم المأمور به هو الحصة الواقعة في ذلك الشهر خاصة، و بموجب كون الشهر قيدا للوجوب فالوجوب تابع لوجود هذا القيد، و بموجب كونه قيدا للواجب يكون الوجوب متعلقا بالمقيد به، أي أن الأمر متعلق بذات الصوم و بتقيده بأن يكون في شهر رمضان.
(1) لانّ علّة الصلاة هي ملاكها و محبوبيتها، و علة الطهارة هي ليكون الانسان على نورانية.