و على هذا الأساس يبدو أن الحالة المطروحة للبحث ليست من حالات العلم الاجمالي، إذ ليس فيها علم بالجامع بين فردين متباينين، بل علم تفصيلي بوجوب التسعة و شك بدوي في وجوب العاشر. و قول القائل: إنا نعلم بوجوب التسعة أو العشرة كلام صوري لأن التسعة ليست مباينة للعشرة.
و قد حاول بعض المحققين إبراز أن الدوران في الحقيقة بين متباينين لا بين متداخلين لكي يتشكل علم اجمالي و تطبق القاعدة الثالثة، و حاصل المحاولة أن الوجوب المعلوم في الحالة المذكورة إما متعلّق بالتسعة المطلقة أو بالتسعة المقيدة بالجزء العاشر، و إطلاق التسعة و تقييدها حالتان متباينتان، و بذلك يتشكل علم إجمالي بوجوب التسعة أو العشرة.
فإن قيل إن العلم الاجمالي بوجوب التسعة أو العشرة منحل إلى العلم التفصيلي بأحد طرفيه و الشك البدوي في الطرف الآخر، لأن التسعة معلومة الوجوب على أي حال، و الجزء العاشر مشكوك الوجوب، و إذا انحل العلم الإجمالي سقط عن المنجّزيّة.
قلنا إن طرفي العلم الإجمالي هما: وجوب التسعة المطلقة و وجوب التسعة المقيدة بالعاشر، و كل من هذين الطرفين ليس معلوما بالتفصيل، و إنما المعلوم وجوب التسعة على الاجمال، و هذا نفس العلم الإجمالي، فكيف ينحل به؟