و نستعرض فيما يلي جملة من الروايات التي تدعى دلالتها على وجوب الاحتياط، و سنرى أنها لا تنهض لإثبات ذلك:
* فمنها: المرسل عن الصادق 7 قال: «من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه»، و نلاحظ أن الرواية غاية ما تدل عليه هو الترغيب في الاتقاء، و ليس فيها ما يدل على الإلزام.
* و منها: ما روي عن أمير المؤمنين 7 من أنه قال لكميل: يا كميل أخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت. و نلاحظ أن الرواية و إن اشتملت على أمر بالاحتياط و لكنه قيّد بالمشيئة، و هذا يصرفه عن الظهور في الوجوب، و يجعله في إفادة ان الدين أمر مهم، فأي مرتبة من الاحتياط تلتزم بها تجاهه فهو حسن.
* و منها: ما عن أبي عبد اللّه 7: أورع الناس من وقف عند الشبهة، و نلاحظ أن هذا البيان لا يكفي لإثبات الوجوب إذ لم يدل دليل على وجوب الأورعية.
* و منها: خبر حمزة بن طيار أنه عرض على أبي عبد اللّه 7 بعض خطب أبيه حتى إذا بلغ موضعا منها قال 7 له: كفّ و اسكت. ثم قال: لا يسعكم فيما ينزل بكم مما لا تعلمون إلّا الكف عنه و التثبت و الرد إلى أئمّة الهدى حتى يحملوكم فيه على الحق، و يجلوا عنكم فيه العمى، و يعرفوكم فيه الحق. قال اللّه تعالى: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ(1).