responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع السعادات نویسنده : الشيخ مهدي بن أبي ذر النراقي    جلد : 1  صفحه : 77

و كأنهم لم يعلموا أن هذه عبادة الأجراء و العبيد تركوا قليل المشتهيات ليصلوا إلى كثيرها. و ليت شعري أن ذلك كيف يدل على الكمال الحقيقي و القرب من اللّه سبحانه!و لا أدري أن الباكي خوفا من النار و شوقا إلى اللذات الجسمية المطلوبة للنفس البهيمية كيف يعدّ من أهل التقرب إلى اللّه سبحانه و يستحق التعظيم و يوصف بعلو الرتبة!و كأنهم لم يدركوا الابتهاجات الروحانية، و لا لذة المعرفة باللّه و حبّه و أنسه و لم يسمعوا قول سيد الموحدين‌ [1] صلى اللّه عليه و آله «إلهي ما عبدتك خوفا من نارك و لا طمعا في جنتك و لكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك» .

و بالجملة لا ريب في أن الإنسان في اللذة الجسمية يشارك الخنافس و الديدان و الهمج من الحيوان، و إنما يشابه الملائكة في البصيرة الباطنة و الأخلاق الفاضلة، و كيف يرتضي العاقل أن يجعل النفس الناطقة الشريفة خادمة للنفس البهيمية الحسيسة.

و العجب من هؤلاء الجماعة [2] مع هذا الاعتقاد يعظمون من يتنزه عن الشهوات الحيوانية و يستهين باللذات الحسية و يتخضعون له و يعدون أنفسهم أشقياء بالنسبة إليه، و يذعنون أنه أقرب الناس إلى اللّه سبحانه و أعلى رتبة منهم بتنزهه عن الشهوات الطبيعية، و قد اتفق كلهم على تنزه مبدع الكل و تعاليه عنها مستدلين بلزوم النقص فيه لولاه، و كل ذلك يناقض رأيهم الأول.

و السر فيه أنهم و إن ذهبوا إلى هذا الرأي الفاسد إلا أنه لما كانت غريزة العقل فيهم بعد موجودة، و إن كانت ضعيفة، فيرى ما هو كمال حقيقي لجوهرها كمالا، و يحكم بنورانيتها الذاتية، على كون ما هو فضيلة


[1] المعنى به هو أمير المؤمنين علي عليه الصلاة و السلام.

[2] المرادهم الذين حصروا اللذات في الحسية و الكلام كله في هذا الرأي.

نام کتاب : جامع السعادات نویسنده : الشيخ مهدي بن أبي ذر النراقي    جلد : 1  صفحه : 77
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست