و كمال القوة النظرية بمنزلة الصورة و كمال القوة العملية بمنزلة المادة، فلا يتم أحدهما بدون الآخر، و من حصل له الكمالان صار بانفراده عالما صغيرا مشابها للعالم الكبير، و هو الإنسان التام الكامل الذي تلألأ قلبه بأنوار الشهود و به تتم دائرة الوجود.
فصل (في فضائل الأخلاق و رذائلها)
فضائل الأخلاق من المنجيات الموصلة إلى السعادة الأبدية، و رذائلها من المهلكات الموجبة للشقاوة السرمدية، فالتخلي عن الثمانية و التحلي بالأولى من أهم الواجبات. و الوصول إلى الحياة الحقيقية بدونهما من المحالات، فيجب على كل عاقل أن يجتهد في اكتساب فضائل الأخلاق التي هي الأوساط [1]
المثبتة من صاحب الشريعة و الاجتناب عن رذائلها التي هي الأطراف، و لو قصّر أدركته الهلاكة الأبدية، إذ كما أن الجنين لو خرج عن طاعة ملك الأرحام المتوسط في الخلق لم يخرج إلى الدنيا سويا سميعا بصيرا ناطقا كذلك من خرج عن طاعة نبي الأحكام المتوسط في الخلق لم يخرج إلى عالم الآخرة كذلك.