و قال النبي-صلى اللََّه عليه و آله و سلم-: «ما منكم من أحد ينجيه عمله» ، قالوا: و لا أنت يا رسول اللََّه!قال: «و لا أنا إلا أن يتغمدني اللََّه برحمته» .
(فإن قيل) : ما ذكرت من استناد الصفات و الأفعال و محلها جميعا إلى اللََّه تعالى، يؤدي إلى الجبر و نفي التكليف، و بطلان الثواب و العقاب، (قلنا) :
هذا فرع باب مسألة يتعلق بعلم آخر، و لا يليق بيانها هنا [1] . و نحن لم نسلب القدرة و الاختيار عن العبد بالكلية في متعلق التكليف-أعني أفعاله العرضية- بل نفينا استقلاله فيها. نعم، في غيرها من المحال و الأسباب و الصفات اللازمة، و التوفيق، و تحريك البواعث، و صرف الموانع، لا قدرة له فيها أصلا، و لا يلزم منه فساد.
و أما (العجب بالحسب و النسب) : فعلاجه يتم بمعرفة أمور:
الأول-أن يعلم أن التعزز بكمال الغير غاية السفاهة و الجهل،
فإنه لو كان خسيسا في صفات ذاته، فمن أين يجبر خسته كمال غيره، و لو كان أباه أوجده، بل لو كان الذي يعجب به بالانتساب حيا لكان له أن يقول:
الفضل لي لا لك و أنت دودة خلقت من فضلتي، أ فترى أن الدودة التي خلقت من فضلة الإنسان أشرف من الدودة التي خلقت من فضلة حمار؟!هيهات! فإنهما متساويان في الخسة، ان الشرف للإنسان لا للدودة، و لذا قال أمير المؤمنين (ع) :
أنا ابن نفسي و كنيتي أدبي # من عجم كنت أو من العرب
إن الفتى من يقول ها أنا ذا # ليس الفتى من يقول كان أبي