لم تكن خالصة نقية عن الشوائب قلما تنفع، و إنما يتفقد الخائف المشفق دون المعجب، لأنه يغتر بنفسه و برأيه و يأمن مكر اللََّه و عذابه، و يظن أنه عند اللََّه بمكان، و أن له عند اللََّه حقا بأعماله التي هي من عطاياه تعالى و نعمه، و ربما يخرجه العجب إلى تزكية نفسه و الثناء عليها. و إن أعجب برأيه و عقله و علمه منعه ذلك من السؤال و الاستفادة و الاستشارة، فيستبد بنفسه و رأيه و يستنكف عن سؤال الأعلم، و ربما يعجب بالرأي الخطأ الذي خطر له، فيفرح بكونه من خواطره و لا يعتنى بخواطر غيره، فيصر عليه، و لا يسمع نصح ناصح و لا وعظ واعظ، بل ينظر إلى غيره بعين الاستحقار و الاستجهال، فإن كان رأيه الفاسد متعلقا بأمر دنيوي أضره و فضحه، و إن كان متعلقا بأمر ديني- (لا) سيما في أصول العقائد-أضله و أهلكه. و لو اتهم نفسه و لم يثق برأيه، و استعان بعلماء الدين و سؤال أهل البصيرة، لكان خيرا له و أحسن، و موصلا له إلى الحق المتيقن. و من آفاته أنه يفتر في الجد و السعي، لظنه أنه قد استغنى و فاز بما ينجيه، و هو الهلاك الصريح الذي لا شبهة فيه.
-فهو أن يعرف ربه، و أنه لا تليق العظمة و العزة إلا به، و أن يعرف نفسه حق المعرفة، ليعلم أنه بذاته أذل من كل ذليل و أقل من كل قليل، و لا تليق به إلا الذلة و المهانة و المسكنة، فما له و العجب