و هو أيضا من الأمراض المؤلمة للنفس، المانعة لها عن القرب إلى اللّه و الوصول إلى الملأ الأعلى. و يمنع صاحبه عما ينبغي أن يصدر عنه بالنسبة إلى أهل الإيمان: من الهشاشة و الرفق و التواضع و القيام بحوائجهم و المجالسة معهم و الرغبة إلى إعانتهم و مواساتهم... و غير ذلك. و هذا كله مما ينقص درجته في الدين، و يحول بينه و بين مرافقة المقربين.
و لما كانت حقيقته عبارة عن العداوة الباطنة، فجميع الأخبار الواردة في ذم المعاداة تدل على ذمه، كقول النبي-6-: «ما كان جبرئيل يأتيني إلا قال: يا محمد!اتق شحناء الرجال و عداوتهم» .
و قوله-6-: «ما عهد إلي جبرئيل قط في شيء ما عهد إلي في معاداة الرجال» .و قول الصادق (ع) : «من زرع العداوة حصد ما بذر» ... و قس عليها غيرها.
و طريق العلاج في إزالته: أن يتذكر أن هذه العداوة الباطنة تؤلمه في العاجل، إذ الحقود المسكين لا يخلو عن التألم و الهم لحظة، و يعذبه في الآجل و مع ذلك لا يضر المحقود أصلا، و العاقل لا يدوم على حالة تكون مضرة لنفسه و نافعة لعدوه. و بعد هذا التذكر، فليجتهد في أن يعامله معاملة أحبائه:
من مصاحبته بالانبساط و الرفق، و القيام بحوائجه، و غير ذلك، بل يخصه بزيادة البر و الإحسان، مجاهدة للنفس و إرغاما للشيطان، و لا يزال يكرر ذلك حتى ترتفع عن نفسه آثاره هذه الرذيلة بالكلية. ثم لما كان الحقد عبارة عن العداوة الباطنة، و حقيقتها اضمار الشر و كراهة الخير لمن يعاديه، فضده (النصيحة) التي هي قصد الخير و كراهة الشر، لا المحبة-كما يتراءى في بادى الرأي-إذ هي ضد الكراهة دون العداوة-كما يأتي في محله-فمن معالجات الحقد أن يتذكر فوائد النصيحة و مدحها-كما يأتي-ليعين على إزالته.