المهلكات. على أن سوء الظن بالناس من لوازم خبث الباطن و قذراته، كما أن حسن الظن من علائم سلامة القلب و طهارته، فكل من يسيء الظن بالناس و يطلب عيوبهم و عثراتهم فهو خبيث النفس سقيم الفؤاد، و كل من يحسن الظن بهم و يستر عيوبهم فهو سليم الصدر طيب الباطن، فالمؤمن يظهر محاسن أخيه، و المنافق يطلب مساويه، و كل إناء يترشح بما فيه.
و السر في خباثة سوء الظن و تحريمه و صدوره عن خبث الضمير و إغواء الشيطان: أن أسرار القلوب لا يعلمها إلا علام الغيوب، فليس لأحد أن يعتقد في حق غيره سوء إلا إذا انكشف له بعيان لا يقبل التأويل، إذ حينئذ لا يمكنه ألا يعتقد ما شاهده و علمه، و أما ما لم يشاهده و لم يعلمه و لم يسمعه و إنما وقع في قلبه، فالشيطان ألقاه إليه، فينبغي أن يكذبه، لأنه أفسق الفسقة، و قد قال اللّه:
فلا يجوز تصديق اللعين في نبأه، و إن حف بقرائن الفساد، ما احتمل التأويل و الخلاف فلو رأيت عالما في بيت أمير ظالم لا تظنن أن الباعث طلب الحطام المحرمة، لاحتمال كون الباعث إغاثة مظلوم. و لو وجدت رائحة الخمر في فم مسلم فلا تجز من بشرب الخمر و وجوب الحد، إذ يمكن أنه تمضمض بالخمر و مجه و ما شربه، أو شربه إكراها و قهرا. فلا يستباح سوء الظن إلا بما يستباح به المال، و هو صريح المشاهدة، أو قيام بينة فاضلة.
و لو أخبرك عدل واحد بسوء من مسلم، وجب عليك أن تتوقف في