و قد ظهر مما ذكر: أن الرجاء أصلح و أفضل في موضعين: (أحدهما) في حق من تفتر نفسه عن فضائل الأعمال و يقتصر على الفرائض، و كان الرجاء باعثا له على التشمير و النشاط للطاعات، و مثله ينبغي أن يرجي نفسه نعم اللّه تعالى و ما وعد اللّه به الصالحين في العليين، حتى ينبعث من رجائه نشاط العبادة. (و ثانيهما) في حق العاصي المنهمك إذا خطر له خاطر التوبة، فيقنطه الشيطان من رحمة اللّه، و يقول له: كيف تقبل التوبة من مثلك؟فعند هذا يجب عليه أن يقمع قنوطه بالرجاء و يتذكر ما ورد فيه، كقوله تعالى:
و يتوب و يتوقع المغفرة مع التوبة لا بدونها، إذ لو توقع المغفرة مع الإصرار كان مغرورا. و الرجاء الأول يقمع الفتور المانع من النشاط و التشمير و الثاني يقطع القنوط المانع من التوبة.
فصل العمل على الرجاء أعلى منه على الخوف
العمل على الرجاء أعلى منه على الخوف، لأن أقرب العباد أحبهم إليه، و الحب يغلب بالرجاء. و اعتبر ذلك بملكين يخدم أحدهما خوفا من عقابه و الآخر رجاء لعطائه، و لذلك عير اللّه أقواما يظنون السوء باللّه، قال: