في جميع الأوقات، و إياك أن تهمله لحظة من اللحظات، و احفظه من أن يكون محلا لغير معرفة اللّه و حبه، و ليكن القرب إلى اللّه و الأنس به غاية همك، إذ العاقل إنما يميل و يشتاق إلى ما هو الأشرف و الأكمل، و يسر و يرتاح بما له أحسن و أنفع، و لا ريب في أن أشرف الموجودات و أكملها هو سبحانه، بل هو الموجود الحقيقي و الكمال الواقعي، و غيره من الموجودات و الكمالات من لوازم فيضه و رشحات وجوده و فضله، و له غاية ما يتصور من العلو و الكمال و البهاء و الجلال، و إن معرفته و حبه أحسن الأشياء و أنفعها لكل أحد، لأنه الباعث للسعادة الأبدية و البهجة الدائمية، فلا ينبغي للعاقل أن يترك ذلك اشتغالا بفضول الدنيا و خسائسها، بل يلزم عليها أن يترك حبلها على غاربها، و يخلص نفسه الشريفة عن مخالبها، و يتوجه بكليته إلى جناب ربه، و لم يكن فرحه و ابتهاجه إلا بحبه و أنسه.
فصل الفرق بين الاطمئنان و الأمن من مكر اللّه
ضد الخوف المذموم هو اطمئنان القلب في الأمور المذكورة، و لا ريب في كونه فضيلة و كمالا، إذ قوة القلب و عدم اضطرابه مما يحكم العقل بعدم الحذر عنه صفة كمال، و نقيضه نقص و رذيلة.
و أما الخوف الممدوح، فضده الأمن من مكر اللّه، و هو من المهلكات، و قد ورد به الذم في الآيات و الأخبار، قال اللّه سبحانه: